بعد إلغاء الحكومة الهندية الحكم الذاتي للإقليم، الذي تسكنه أغلبية مسلمة، ضمن خطوات تهدف لضمه بشكل كامل، عزلت سلطات نيودلهي كشمير عن العالم، وشنت حملة قمع عسكرية شملت مدنيين وسياسيين، مع استمرار تعليق الاتصالات وخدمات الإنترنت بشكل كامل منذ الاثنين الماضي.

وواصل الآلاف من أفراد قوات الأمن الهندية السيطرة على احتجاجات أمس في الإقليم المتنازع عليه مع باكستان والواقع بمنطقة الهيمالايا، وسط أجواء من الذعر والتوتر.

Ad

وتواصل إغلاق المدارس والجامعات في ظل حظر التجول الذي فرضته سلطات نيودلهي، بالتزامن مع خطوتها التي ألغت وضع الإقليم الخاص بالدستور الهندي.

وأقامت الشرطة الاتحادية نقاط تفتيش متنقلة في جميع أنحاء المدينة، ولم تسمح حتى لحالات طبية طارئة بالتنقل.

وبدت شوارع سريناغار، أهم مدن الولاية، شبه مهجورة لليوم الثالث على التوالي، في ظل غلق جميع المتاجر لأبوابها تقريباً باستثناء بعض الصيادلة.

وقال مسؤول حكومي في الولاية، بعد زيارة قام بها لجنوب كشمير، وهي معقل التمرد المطالب بالانفصال في السنوات الأخيرة، إن المنطقة كانت مغلقة تماماً.

وأضاف المسؤول: «الطريق السريع كان مهجورا، باستثناء بعض الشاحنات والحافلات التي تقل العمال من الوادي. وليل الاثنين-الثلاثاء قامت مركبات الشرطة بدوريات في الشوارع، ونصحت مكبرات الصوت السكان بالبقاء في منازلهم».

أول قتيل

وأفادت التقارير، أمس، بسقوط أول قتيل في المنطقة المضطربة، بعد أن طاردته الشرطة الهندية خلال تظاهره في فترة حظر التجول في سريناغار.

وذكرت الشرطة الهندية وأحد الشهود أن مجموعات من المتظاهرين الشباب كانت ترشق القوات بالحجارة، في ظل غضب من قطع الاتصالات الذي بدأ الأحد الماضي. واستخدمت القوات الغاز المسيل للدموع ورذاذ الفلفل لتفريق المتحجين وأوقعت عدة إصابات.

واحتجزت حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي زعماء محليين ورؤساء جماعات انفصالية قبل الإعلان الذي أصدرته حكومته الاثنين الماضي، والذي قسم جامو وكشمير إلى منطقتين اتحاديتين لضمان سيطرة أكبر عليها.

في المقابل، قررت باكستان خفض مستوى علاقاتها الدبلوماسية مع الهند، وأعلنت طرد سفيرها من إسلام آباد وسحب سفيرها من نيودلهي ووقف التجارة الثنائية.

حل تفاوضي

في هذه الأثناء، دعت منظمة التعاون الإسلامي، إلى تسوية تفاوضية لأزمة إقليم كشمير على أسس قرارات أممية وإسلامية، وحثت الأطراف على التوصل إلى «تسوية تفاوضية على أساس القرارات ذات الصلة التي اعتمدها مجلس الأمن ومؤتمر القمة الإسلامية ومؤتمرات وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي».

وأعربت المنظمة، في بيان خلال اجتماع عاجل لفريق الاتصال على مستوى الممثلين الدائمين في جدة أمس، عن قلقها العميق إزاء الوضع الحرج في جامو وكشمير التي تحتلها الهند، وأدانت «الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان» هناك.

وترأس الاجتماع السفير سمير بكر دياب، الأمين العام المساعد للمنظمة، وشارك فيه وزير خارجية باكستان، مخدوم شاه محمود قريشي، والممثلون الدائمون لكل من تركيا، والسعودية، وأذربيجان، والنيجر.

وكان البند الدستوري الذي تم الغاؤه يسمح فقط للسكان المحليين بشراء الأراضي في المنطقة ومنح الإقليم علما ودستورا منفصلين.

كما أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن طهران تدرس الإيضاحات التي قدمتها كل من نيودلهي وإسلام آباد بشأن مستجدات الوضع في الإقليم، بعد الإجراءات الهندية الأخيرة. ودعت إلى انتهاج السبل السلمية والحوار من أجل تأمين مصالح المنطقة.

في السياق، أجرى رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان اتصالا هاتفيا مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وجرى خلال الاتصال بحث آخر المستجدات في إقليم كشمير.

حرب باكستانية

وفي وقت سابق، حذر رئيس الوزراء الباكستاني من احتمال اندلاع حرب بين بلاده والهند، على خلفية الخطوة الهندية.

وقال خان، في كلمة خلال جلسة طارئة للبرلمان في العاصمة إسلام آباد لمناقشة القرار الهندي مساء أمس الأول، إنه يخشى أن يقوم الكشميريون الغاضبون من قرار الهند بشن هجوم على قوات الأمن الهندية، وتُحمل نيودلهي باكستان المسؤولية عنه.

وأضاف أنه إذا ردت الهند على ذلك بتنفيذ ضربة عسكرية داخل بلاده، فإن ذلك يفتح المجال أمام إمكانية اندلاع حرب.

وشدد على أن بلاده ستقاوم الخطوة الهندية في كل منبر، بما في ذلك مجلس الأمن الدولي والجنائية الدولية، حيث إن إلغاء الوضع الخاص لكشمير، الذي كان يشمل منع الأجانب من امتلاك عقارات، يعتبر محاولة لتغيير التركيبة السكانية للمنطقة، وهو تحرك غير قانوني بموجب القانون الدولي.

وقال إنه إذا لم يتحرك العالم اليوم فستصل الأمور إلى مرحلة لن يكون مسؤولا عنها، متهما نظيره الهندي بانتهاك القانون الدولي بشكل سافر لتحقيق أجندة معادية للمسلمين في الهند.

وبدأ البرلمان الباكستاني ومجلس الشيوخ، أمس الأول، جلسة طارئة بدعوة من الرئيس الباكستاني عارف علوي لمناقشة الخطوة الهندية في الإقليم المقسم منذ استقلال البلدين النوويين، اللذين دخلا في ثلاثة حروب في عام 1947 و1965 و1971.

في غضون ذلك، أعربت الصين، التي تطالب بالسيادة على جزء من الإقليم، عن معارضة قوية لقرار الهند بشأن جامو وكشمير، وهي الولاية الوحيدة في الهند التي تقطنها أغلبية من المسلمين.

في المقابل،‭‭ ‬‬قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الهندية رافيش كومار، إن تقسيم ولاية جامو وكشمير إلى منطقتين اتحاديتين شأن داخلي.

من جانب آخر، قال المتحدث باسم المفوضية العليا لشؤون اللاجئين روبرت كولفيل إن وقف الاتصالات والاجراءات الأمنية يثيران قلقاً بالغاً، خاصة في ظل الروايات عن التوتر والخوف التي ترد من السكان.

من جهة أخرى، توفيت وزيرة الخارجية السابقة، سوشما سواراج، القيادية البارزة في حزب «بـهاراتيا جاناتا» الهندوسي القومي الحاكم، عن عمر ناهز 67 عاما، نتيجة إصابتها بأزمة قلبية.