الأسد يقضم حماة... ومركز أميركي - تركي للمنطقة الآمنة
«البنتاغون»: «داعش» يعود بقدرات معززة في سورية والعراق... وحلفاؤنا غير قادرين على التمسك بالأرض
على وقع تزايد الأوضاع الإنسانية سوءاً في إدلب، تمكن الجيش السوري من التوغل أكثر في ريف حماة وقضم مناطق استراتيجية على محاور عدة في المثلث الشمالي، في حين يلوح في الأفق شبح عمل عسكري تجهز له أنقرة، في ضوء خلافات عميقة مع واشنطن حول منطقة آمنة تسعى لإقامتها لتحجيم نفوذ الأكراد.
بعد وقف العمل بالهدنة المشروطة بتنفيذ الاتفاق الروسي- التركي على إنشاء منطقة منزوعة السلاح في مثلث محافظات إدلب وحماة واللاذقية، حققت قوات النظام السوري، أمس، تقدماً كبيراً على محاور عدة في المنطقة الاستراتيجية، على حساب فصائل المعارضة الجهادية والمقاتلة في معارك قُتل فيها العشرات من الطرفين.وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان "بسيطرة قوات النظام على قرية الأربعين وبلدة الزكاة في ريف حماة الشمالي"، مؤكداً أنها باتت على بعد كيلومترات قليلة من بلدة اللطامنة، أبرز البلدات الواقعة تحت سيطرة الفصائل، بقيادة جبهة النصرة سابقاً، في شمال حماة. وأوضح المرصد أن المعارك العنيفة المستمرة منذ مساء أمس الأول أسفرت عن مقتل 18 عنصراً من الفصائل بينهم 13 جهادياً، فضلاً عن عشرة عناصر من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (سانا) عن مصدر عسكري قوله إن "التنظيمات الإرهابية في ريف حماة الشمالي قامت بزج أعداد كبيرة من المسلحين والعربات المفخخة وشن هجوم على اتجاه الزكاة- حصرايا، مما اضطر قواتنا العاملة هناك إلى الانسحاب من بعض مواقعها المتقدمة".وأضاف المصدر أن القوات الحكومية تمكنت لاحقاً من "صد الهجوم والانتقال إلى الهجوم المعاكس".واستأنف الجيش السوري الاثنين عملياته القتالية في إدلب ومحيطها، بعد اتهامه الفصائل العاملة فيها برفض "الالتزام بوقف إطلاق النار" الذي أعلنه ليل الخميس- الجمعة، وبقصف قاعدة حميميم الجوية الروسية في محافظة اللاذقية (غرب) المجاورة لإدلب.
تفجير الحسكة
ووسط تحذيرات من أن تنظيم "داعش" "يعاود الظهور" في سورية مع انسحاب القوات الأميركية، قتل خمسة أشخاص بينهم ثلاثة أطفال أمس في تفجير سيارة مفخخة بالقرب من مبنى البريد في بلدة القحطانية بمدينة القامشلي في محافظة الحسكة، التي يسيطر عليها الأكراد.وأورد المرصد أن "التفجير وقع أثناء مرور سيارة عسكرية كردية"، وأكدت "سانا" وقوعه، مشيرة إلى "ارتقاء عدد من الشهداء" من دون تحديد الحصيلة.عودة «داعش»
في هذه الأثناء، حذر تقرير صادر عن المفتش العام في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) من أن "داعش" يعاود الظهور "في سورية مع سحب الولايات المتحدة قوات منها ويعزز قدراته" في العراق المجاور. ووفق التقرير فإن التنظيم، الذي فقد "خلافته" على الأرض تكبد خسارة كبيرة على أيدي القوات العراقية والسورية المدعومة بحملة قصف جوي من قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، استغل ضعفاً لدى القوات المحلية لتحقيق مكاسب خلال الربع الحالي من السنة.وأوضح التقرير أنّ التنظيم استطاع "إعادة تجميع صفوفه ومواصلة القيام بعمليّات" في البلدين، وذلك لأسباب منها أنّ القوّات المحلّية "لا تزال غير قادرة على مواصلة القيام بعمليّات طويلة الأمد، أو تنفيذ عمليّات عدّة متزامنة أو الحفاظ على الأراضي" التي استعادتها.وأشار إلى أن ذلك يأتي مع استكمال واشنطن "انسحابا جزئياً" من سورية، مُخالفةً بذلك رأي قادة عسكريين اعتبروا أن القوّات الكردية المدعومة أميركياً "بحاجة إلى مزيد من التدريب والتجهيز للتصدي لعمليات مسلحة".استراتيجية الفوضى
ونفذ "داعش" عمليات اغتيال وكمائن وتفجيرات انتحارية في كلتا الدولتين. وفي العراق "أنشأ نقطة قيادة ومراقبة ثابتة ونقطة لوجستية لتنسيق الهجمات"، وفقا للتقرير، الذي نبه إلى أن استراتيجية التنظيم في كلا البلدين هي "إشاعة فوضى على الأرض التي خسرها" ومنع قوات الأمن المحلية "من تحقيق سيطرة فعلية والحفاظ على النظام العام".ويعتقد التحالف بقيادة أميركية أن التنظيم لديه على الأرجح ما بين 14 و18 ألف عضو في العراق وسورية، بينهم ما يصل إلى 3 آلاف أجنبي، بحسب التقرير.المنطقة الآمنة
في غضون ذلك، وصف وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أمس، المحادثات التي دخلت يومها الثالث بشأن "المنطقة الآمنة"، بأنها "إيجابية وبناءة"، مؤكداً أن واشنطن تتفهم وتقترب من وجهة نظر أنقرة حيال الأمر.وأكد أكار أن خطط تركيا المتعلقة بالمنطقة الآمنة، بما في ذلك الانتشار العسكري، مكتملة، وأبلغت واشنطن أنها تحبذ أن تعملا معاً في شمال سورية.وفي نهاية المحادثات، أعلنت وزارة الخارجية التركية التوصل إلى اتفاق يقضي بإنشاء مركز عمليات مشتركة مع الولايات المتحدة خلال أقرب وقت لتنسيق وإدارة إنشاء «المنطقة الآمنة»، موضحة أنه يعد أول الإجراءات الهادفة إلى تبديد المخاوف والتوترات مع الأكراد.وتطمح أنقرة إلى إنشاء منطقة آمنة بعرض 30 كلم على طول حدودها داخل سورية، على أن تسيطر عليها بالكامل، وتنسحب منها وحدات حماية الشعب الكردية.ومع توسّع دور أكراد سورية وإنشائهم إدارة ذاتية، زادت خشية تركيا من أن يقيموا حكماً ذاتياً قرب حدودها يزيد النزعة الانفصالية لدى الأكراد لديها.ولمواجهة توسّع الأكراد، شنّت أنقرة منذ 2016 عمليتين عسكريتين في سورية، سيطرت خلالهما على مدن حدودية عدة. وتمكنت في 2018، من السيطرة مع فصائل سورية موالية لها على منطقة عفرين، ثالث أقاليم الإدارة الذاتية الكردية، بعد أشهر من المعارك.
مفخخة تستهدف دورية كردية بالقامشلي وتقتل خمسة