الروائي المغربي بناصر إجو لـ الجريدة•: أنطلق من واقع الحياة فأضعه في قالب أدبي
«عشت طفولة قروية وهذا يدل على ارتباطي بالأرض»
على الرغم من عدم الاهتمام الكافي من جانب النقاد بالرواية الأولى للأديب المغربي، الشاب بناصر إجو المعنونة، بـ«الخائنة»، فإن أصداءها وصلت إلى قطاع عريض من القرَّاء في العالم العربي، وانطلقت التساؤلات بشأن مغزى عنوان الرواية، وما إذا كان يُقصد بها المرأة وقال، إن السبب في هذه التساؤلات يرجع إلى النظرة الدونية للمرأة في مجتمعاتنا، لافتاً إلى أن النقاد ودور النشر لا يهتمون بالطاقات الشابة، كما قال «أنطلق من واقع الحياة فأضعه في قالب أدبي»... وفيما يلي نص الحوار:
• كيف انعكست سنوات نشأتك الأولى على تجربتك الإبداعية؟-وُلدت في بلدة «أغبالا» المغربية، ما يعني أنني عشت طفولة قروية، هذا بدوره يدل على ارتباطي بالأرض وكل الأعمال المتعلقة بها، كما درست في مسقط رأسي، ولكل هذه الأمور تأثير كبير على نوعية الكتابة التي أتبعها، وهذا التأثير يتجلى في أمرين: الكتابة بناء على منظور الإنسان القروي للحياة عامة، والكتابة لنقل الواقع القروي نحو العالم كغاية.
• لماذا اخترت الرواية، هل لكونها الأقدر على التعبير، أم الأكثر رواجاً الآن مقارنة بالشعر؟- لم يكن اختيار الرواية سوى نتيجة لحبي الكبير لهذا الجنس الأدبي، لأنه القادر على التعبير بحرية أكثر عن الكيان الإنساني بألمه وآماله، وهذا لا يعني أنني ابتعدت كليا عن الشعر، بل لي بعض القصائد رغم أنها غير منشورة. الشعر له فنيته، والرواية لها فنيتها كذلك، وكلاهما رائعان في التعبير، إن كان انطلاقهما من الوجدان الإنساني.
عنوانها أولاً
• أثارت روايتك الأولى «الخائنة» تساؤلات عِدّة في الوسط الثقافي المغربي... لماذا؟- التساؤلات التي أثارتها «الخائنة» كانت معظمها نتيجة عنوانها أولاً، لأن تخمينات الأغلبية كانت تتوجه نحو المرأة، وهذا ناتج عن النظرة الدونية تجاه الأنثى في مجتمعاتنا، إضافة إلى أن هذا الجنس الأدبي الأول من نوعه في بلدتنا تحديداً، ما أطلق العديد من التكهنات بشأن مغزى عنوان الرواية.• إلى أي مدى حظي إصدارك الأول باهتمام النقاد؟ وهل ترى أنهم يقومون بدورهم إزاء المبدعين الشباب؟- لم يكن هناك اهتمام كبير من طرف النقاد المتخصصين في الميدان، فبداية الأعمال المقدمة لا تكاد تُرى إلا من طرف القليل من الناس، خصوصا المعارف، على عكس الاهتمام الذي كان كبيراً ومُفرحاً من طرف القارئ... النقاد لا يهتمون في بلادنا، شأنهم في ذلك شأن دور النشر تماماً، بالطاقات الشابة في كل الميادين، قد تكون التجارة هي الغاية من هذه المؤسسات لا غير، والشهرة تلعب دوراً كبيراً في جذب النقاد، لأن الناقد الأدبي يقترب من قراء الأديب فيجعله في مرتبة شهرته، والشباب المبدع في كل المجالات يعاني الإهمال، سواء كان إعلامياً أو من طرف النقاد أو دور النشر (بالنسبة للكتابة) وحتى الوزارة المختصة تقتصر في دعم الطاقة الشابة.واقع الحياة
• ما منطلقاتك العامة في الكتابة؟- دائماً أنطلق من واقع الحياة فأضعه في قالب أدبي قابل للهضم لدى القراء، فالكتابة إما أن تكون تصوراً للواقع أو هي ليست كتابة، ولا يُنتظر من أي كاتب أن يحكي ما لا يعشيه أو يعاش في محيطه، إلا إذا أردنا أن نتهرب من واقعنا، وكمنطلق خاص فهو الذات التي تحمل كل شيء عن الإنسان، فلأجل فهم الآخر ككيان بشري على غريزته يكفي الغوص في الأنا.• درست الأدب والتاريخ والحضارة... إلى أي مدى أفادك ذلك على مستوى نصك الروائي؟- للشُّعب التي تكونت في حضنها، من تاريخ وأدب، فضل كبير على الكتابة الروائية، ويتجلى ذلك في الغنى المعرفي والمعلوماتي الذي يمكنني منها أثناء الكتابة، لقد منحني الأدب هيكل الإنتاج الأدبي، أما التاريخ فقد ملأ ذلك الجوف الأدبي من خلال الماضي والحاضر واستشراف المستقبل بناء على ما مضى.الواقع ملهم
• أيهما برأيك يلهم الأديب أكثر لكتابة عمل فارق: الواقع أم الخيال؟- في رأيي الشخصي، أرجح أن يكون الواقع أكثر إلهاماً وأكثر فاعلية في كتابة الأدب، لأنه يُمكِّن من تقديم منتوج سلس وغني، وذي وقع مؤثر على القراء، كما يعالج الموضوع قرب أعين وبصيرة القارئ، أما الخيال فما هو إلا تصورٍ من الواقع ومبني عليه، يمكن القول إن الخيال مجرد واقع مقبول أو مرفوض مسجون داخل الإنسان، ولهذا يكون الأدب مفتاحاً لزنازين الواقع المعتقل في الكائن البشري.المجتمع الرأسمالي
• ما الذي تعكف على كتابته الآن وربما يخرج إلى النور قريباً؟- الآن أنا بصدد كتابة روايتين، الأولى رومانسية تحكي عن معنى الحب من خلال قصة غرامية، والثانية اجتماعية ثقافية هوياتية، تروي قصة شاب يبحث عن نفسه في كل مكان وزمان، دون جدوى، نتيجة المجتمع الرأسمالي والفقر الذي شمله مند ولادته، بالإضافة إلى كتاب عبارة عن شذارات، عنونته بـ«شظايا العقل» يقدم خواطر متنوعة نابعة من انفجار العقل تفكيراً.
الرواية أكثر قدرة على التعبير بحرية عن الكيان الإنساني