وجَّه الفنان عبدالرحمن العقل الدعوة للأسرة الصحافية والفنية، لحضور العرض الخاص لمسرحية "رحلة بدينار ونص"، المقرر بدء عروضها رسميا اعتبارا من أول أيام عيد الأضحى على مسرح عبدالحسين عبدالرضا.

والمسرحية، التي كتب أحداثها محمد الكندري، ويخرجها عبدالعزيز صفر، هي فانتازيا اجتماعية ساخرة تحاكي الواقع، من خلال قصة أسرة تقرر السفر في رحلة سياحية إلى الهند، فيتعرضون للعديد من المواقع الكوميدية.

Ad

شهاب حاجيه

تدور أحداث المسرحية حول أب (شهاب حاجيه) يعاني مع ابنتيه (ريم أرحمة ورانيا شهاب) من جهة، ومع زوجيهما (عبدالرحمن العقل وخالد العجيرب) من جهة أخرى، لاسيما أن الجميع اتخذ من منزل الأب مستقرا.

هذا الرجل المتقاعد، الذي يبدو أنه يتكبَّد متاعب كثيرة، تتضح بمضي الوقت حقيقته، فهو إنسان بخيل انتهازي استحوذ على مهر ابنتيه، ويدَّعي دائما الفقر والحاجة وضيق ذات اليد. ويستغل هذا الأب ذهاب ابنتيه وزوجيهما إلى الهند في رحلة سياحية، ليفرض نفسه على الجميع، ومن هنا تبدأ مغامرتهم، حيث تمرُّ الأسرة بمجموعة من المواقف، تكشف فكرهم المحدود وأفعالهم غير الرشيدة، التي تعكس ضيق أفق وعدم إحساس بالمسؤولية، بدءا من بيع مقتنياتهم الخاصة لتدبير المال للسفر، مرورا بالاحتيال على النظم والقوانين في المطار، وصولا إلى استغلال بعضهم البعض.

طابع كوميدي

ورغم الطابع الكوميدي الساخر الذي غلف العمل منذ بدايته حتى نهايته، فإن الأحداث لم تخلُ من إسقاطات على واقعنا الاجتماعي بصورة مباشرة وغير مباشرة، ونقد بنَّاء للعديد من السلبيات، منها الاستخدام المفرط لمواقع التواصل الاجتماعي، وتأثير ذلك على خصوصية الفرد والمجتمع، وذلك من خلال شخصية ريم أرحمة، التي لعبت باقتدار دور "الفاشينستا" بجميع تناقضاتها، فضلا عن التصرفات غير الرشيدة من البعض خلال السفر بقصد السياحة، من التباهي والتبذير، إلى جانب التعامل السيئ مع عمال المنزل، وحرمانهم من حقوقهم المادية.

جميع تلك الموضوعات المهمة صاغها الكاتب محمد الكندري بحرفية، وضمَّنها بين سطور نصه، وعبَّر عنها نجوم العمل بذكاء.

التمثيل

لا يمكن الحديث عن عنصر التمثيل بمعزل عن الإخراج، لاسيما أن أداء الممثلين أحد أهم أدوات المخرج، لكن سنتناول بداية الأدوار التي قدَّمها نجوم العمل، بدءا من الفنان عبدالرحمن العقل، الذي شكَّل ثنائيا مميزا مع الفنان الكوميدي خالد العجيرب، وما إن ينضم إليهما الفنان متعدد المواهب شهاب حاجيه، حتى يتبارى الثلاثي في رسم الابتسامة على وجوه الجمهور، الذي ظل في حالة ضحك متواصل.

وقد كان ثلاثتهم على درجة من الانسجام، حتى يظن مَن يشاهد العمل أنهم وصلوا للعرض الـ50، لكنها الموهبة والخبرة، فالعقل اعتلى المسرح موظِّفا خبرة سنوات في فن الكوميديا وصناعة الموقف، وخلق "الافيه" من قلب الحدث، فيما مارس العجيرب هوايته في الإضحاك، وهو ممثل سريع البديهة يعرف من أين تؤكل الكتف. أما شهاب حاجيه، فهو أحد أهم المواهب الكوميدية في الخليج، وسيكون له شأن آخر بعد هذا العمل.

مستوى الممثلات

وعلى مستوى الممثلات؛ أطلت ريم أرحمة بوجه جديد عليها، فالفتاة التي تظهر للجمهور في مواقع التواصل كانت بصورة مغايرة عن حقيقتها، وأجادت في تلك المساحة، فيما أدت رانيا شهاب المطلوب منها، في حين كانت نورا بالألف مفاجأة العمل، فهي فنانة شابة تملك أدواتها، ومقنعة في الانتقال من شخصية إلى أخرى بسهولة، وتؤدي في كل منطقة بتمكن، كما أقنعتنا بدور الخادمة الهندية، وكانت مميزة بدور المطربة الشعبية، وعادت لتستفزنا جميعا بشخصية مضيفة الطيران، كما كان هناك حضور جيد لبعض الوجوه الجديدة، مثل: هبة وطيبة ودانا.

الإخراج

اشتغل المخرج صفر على عناصره باقتدار، فاعتمد على الإيقاع السريع، والانتقال بين أكثر من مشهد مع تغيير الديكورات، التي كانت بسيطة، لكنها معبِّرة، واستطاع أن يوزع ممثليه على الخشبة بذكاء، خصوصا في المشاهد الرئيسة، التي كانت تجمع الأسرة كلها في وقت واحد، فضلا عن توزيع الحوار، وتوظيف الفنان فرحان العلي بكراكترات عدة، كما لعب دور الراوي، ليخلق جسرا من التواصل بين الخشبة والجمهور.

ولأن الحديث عن التمثيل لا يتم بمعزل عن الإخراج، فقد اشتغل صفر بصوة جيدة على هذا العنصر، فبدا لنا مدى الانسجام والتناغم في أداء جميع الفنانين، ما انعكس على إيقاع العمل، لاسيما أن تلك النوعية من المسرحيات الجماهيرية تقع أغلبها في فخ التطويل، وقد يتسرَّب الملل للجمهور مع طول مدتها، وهذا ما تغلب عليه صفر، بتعدد المشاهد وتوظيف الإضاءة والأداء التعبيري بين كل مشهد وآخر.

يُذكر أن مسرحية "رحلة بدينار ونص" من تأليف محمد الكندري، وإخراج عبدالعزيز صفر، وديكور قاسم الشليان، وكلمات الأغنيات لمحمد الشريدة، وألحان محمد الكاظمي، ويشارك في بطولة العمل: عبدالرحمن العقل، خالد العجيرب، شهاب حاجيه، ريم أرحمة، رانيا شهاب، فرحان العلي، نورا بالألف، إلى جانب مجموعة من الوجوه الجديدة، مثل: آمنة الكندري، هبة، طيبة، دانا البلوشي، مشاري الفريح، وعبدالله الفريح، ويساعد في الإخراج عصام حمدي.

حضور فني كبير

شهد العمل حضور المطرب خالد الملا والفنان خالد العقروقة (ولد الديرة) والفنان الشعبي بلال الشامي، ومن النجوم الشباب: أحمد إيراج، محمد الحملي، محمد طاحون وأحمد حمدي. وكان لافتا حرص الفنان عبدالرحمن العقل على مداعبة الحضور بأسمائهم، ما خلق أجواء من الانسجام بين الممثلين والجمهور بشكل عام.