الصين قد تساعد باكستان على العودة من شفير الهاوية!
![ريل كلير](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1583775118225578100/1583775132000/1280x960.jpg)
في أواخر 2018، أنشأت إسلام آباد لجنة خاصة لتقييم مجموعة من المشاريع وتقليص حجمها، أو حتى تعليق بعضها، وفي السنة الماضية، انسحبت الحكومة أيضا من مشاريع ممولة من الصين في قطاع الطاقة وسكك الحديد، ومن المتوقع أن تستمر هذه النزعة في السنوات المقبلة نظرا إلى تدابير التقشف الواردة في الخطة الإنقاذية التي طرحها صندوق النقد الدولي. تتماشى هذه المقاربة مع توجه بلدان ناشئة أخرى، على غرار ماليزيا وإندونيسيا اللتين أعادتا التفاوض بشأن التزامات سابقة وغير قابلة للتنفيذ بموجب مبادرة الحزام والطريق، وهذا ما دفع الصين إلى تقديم التنازلات.لمعالجة جزء من تلك المخاوف، تعاونت بكين مع إسلام آباد لتحويل بعض الديون إلى مجموعة واسعة من نماذج التمويل المختلطة.اعتبارا من أواخر السنة الماضية، بدأت بكين تعدل مقاربتها، فوسعت هامش مشاركتها في المقام الأول، ورحبت ببلدان مثل المملكة العربية السعودية وتركيا شركاء في مشاريع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، واعتبر هذا التوجه خطوة نحو جعل الممر الاقتصادي متعدد الأطراف، وشكل تحولاً بارزاً في المسار الاحتكاري الذي استعملته بكين تقليدياً لإطلاق المشاريع وتمويلها وتنفيذها، كما أنه يهدف، برأي البعض، إلى محاربة الانتقادات القائلة إن أجزاء معينة من باكستان أصبحت «مستعمرة اقتصادية صينية». في الوقت نفسه، عكست تلك المقاربة جهودا حثيثة لزيادة الشفافية في مجالات الإقراض والمشتريات والمزايدات والتنازلات. عمليا، من المتوقع أن تعزز المقاربة الصينية الجديدة التعاون بين بكين والشركاء الآخرين لتحديد معايير التمويل والتعاقد، حتى أنها قد تمهد لتعميق التزام بكين بمبادئ «نادي باريس»، وهي مجموعة دولية من الدول الدائنة تشجع على معالجة الديون المعدومة بطريقة مستدامة.أخيرا، يترافق التدبير الذي نشأ في شهر نوفمبر الماضي ويقضي ببدء تسوية الصفقات الثنائية بعملة اليوان الصيني بدل الدولار الأميركي مع تداعيات بارزة على طريقة تسديد القروض الصينية من الجانب الباكستاني، ووفق هذا المخطط، ستتجنب باكستان تراجع قيمة عملتها بدرجة إضافية من خلال إبقاء احتياطيات النقد الأجنبي بالدولار الأميركي، ما يسمح بالحفاظ على استقرار محفظة ديونها، إنها خطوة منطقية لتحقيق هدف الصين المرتبط بتدويل عملتها عبر توسيع نطاق استعمال عملة اليوان في التجارة العالمية واستخدام مبادرة الحزام والطريق كمنصة لها. صحيح أن باكستان لا تستطيع على الأرجح أن تتهرب تماما من ارتفاع كلفة الديون المترتبة عن مشاريع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، إلا أنها قادرة على تقليص أزمة الديون إذا تمسكت بكين بمقاربتها المرنة.في المراحل المقبلة، من المتوقع أن تضطر الحكومة والبنوك الصينية لتكثيف التزامها بمعايير السوق الحرة، وستتزامن هذه الخطوة مع ارتفاع عدد البلدان المشاركة في مبادرة الحزام والطريق، ومطالبة المجتمع الدولي بتوسيع هامش التدقيق والشفافية في عمليات التعاقد والتمويل وتنفيذ المشاريع.لا يزال الوقت مبكرا على إطلاق استنتاج نهائي، لكن تشكل مقاربة بكين الجديدة فرصة مثالية وعملية لنفي الاتهامات القائلة إن الصين تستعمل «مبادرة الحزام والطريق» خدمة لمصالحها الاقتصادية الخاصة وطموحاتها السياسية إقليميا، وإذا تمسكت الصين بهذا المسار، فستتمكن من استرجاع سمعتها الحسنة باعتبارها شريكة حقيقية لباكستان وبلدان أخرى، حتى أنها قد ترسخ مفهوم الازدهار والأمن الاقتصادي المشترك في المنطقة. زوي لونغ *»ريل كلير»