حسين سالم... مات!
مات حسين سالم، الملياردير المصري، في إسبانيا، الاثنين الماضي، عن 85 عاماً، عرَّاب الصفقات الكبرى، ونديم الرؤساء وأصحاب النفوذ، وكان آخر ظهور له في لقاء تلفزيوني يبكي ويقول إنه تنازل لها – أي الحكومة المصرية- عن 4 مليارات جنيه مصري، حتى تكفَّ عن مطاردته، بعد أن أرهقته الإجراءات القضائية في مدريد، كي لا يُسلمه الإسبان إلى الإنتربول، ومن ثمَّ إلى السُّلطات القضائية المصرية، بتهم فساد مع سياسيين وأصحاب نفوذ على حساب المال العام المصري.رفعت جهات مصرية عديدة ضد سالم قضايا تتعلق بتعاقدات تمَّت في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي شابها الفساد والتكسُّب غير المشروع، علماً بأن معاهدات مكافحة الفساد الأممية لا تُسقط قضايا الفساد والتكسُّب غير المشروع بالتقادم.
ما تبقى للمتوفى حسين سالم من ثروة ستُحصِّل الحكومة الإسبانية ربعه كضريبة تركات، وما تبقى للورثة سيدفعون منه خلال عام 21 في المئة ضريبة دخل، إذا لم تتم ملاحقتهم قضائياً أيضاً، أي سيبقى الفتات، ولو كان المرحوم احتفظ بثروة بسيطة لعاش ملكاً في بلده بدل عذاب المحاكم على الكرسي المتحرك في إسبانيا، والمبالغ الضخمة التي أنفقها على المحامين هناك دون طائل.في السودان والجزائر تجري ملاحقات قضائية لقائمة طويلة من السياسيين والوزراء الفاسدين، وجنوب إفريقيا وكينيا ونيجيريا ترسل شهرياً أسماء عشرات الفاسدين للحجز على أموالهم والقبض عليهم في أوروبا وكندا وأستراليا. أما الهاربون إلى بعض دول أميركا الجنوبية، فغالباً يكونون تحت ابتزاز العصابات وقوى الفساد الحكومية في تلك الدول، التي غالباً ما تستولي على ثرواتهم المسروقة التي ينقلونها معهم إلى هناك.رغم كل تلك العِبر، ففي الوطن العربي فاسدون ومتكسِّبون من المال العام كُثر غافلون، ويعتقدون أن الزمن لن ينقلب يوماً، ليجدوا أنفسهم في وضع آخر. المنصب والنفوذ يُسكرانهم، وقوة السُّلطة تصيبهم بالجنون، فلا يفيقون من نهب ثروات وطنهم وظلم أبناء جلدتهم، وحرمانهم من ثرواتهم التي يتمتعون بها وحدهم دون مسوغ أو عدالة لأقرانهم في الوطن. اللهم اغفر لعبدك حسين سالم وارحمه، واهدِ كل متسلِّط وصاحب سُلطة في أوطاننا ليعتبر من سيرة حياته، ويكفَّ عن نهب ثروات وطنه!