صواريخ إيران في العراق «أمانة» أخطر من المتوقع
تحوّل عيد الأضحى في العراق من عطلة هادئة معتادة إلى أزمات متتالية تخصّ الميليشيات المقربة من طهران، وشغلت الرأي العام بآثار تضخّم دور المسلّحين، وخروقات حقوق الإنسان، والتدخّلات الإيرانية، وسط تسريبات جديدة، وحديث عن فيديوهات سرية تتعلق بـ «استهداف أجنبي» لصواريخ طهران المخزنة تحت مسمى «أمانة» في العراق.وتركّزت أصعب الحكايات في جنوب بغداد، وتعلّق بعضها بجثث مجهولة يرجّح أنها تعود إلى ضحايا سُنة، إلى جانب دوي انفجارات بقيت غامضة، وأثارت الهلع في العاصمة.وشهد غروب الاثنين الماضي، تفجيرات مهولة لم تشهد بغداد مثلها منذ أعوام، حيث خرق هدوء العيد انفجار مدو في مخزن عتاد بالضاحية الجنوبية للعاصمة، واستمرت الصواريخ والمقذوفات تتفجر ساعات طويلة، وتدمر المباني السكنية القريبة، حتى جرت السيطرة عليها بصعوبة فجر أمس الأول، من دون أن تنتهي موجة الهلع، التي أجبرت عائلات كثيرة على الهرب من منازلها نحو شمال المدينة، رغم عدم وقوع عدد يذكر من الضحايا.
وأفادت البيانات الرسمية، بأن الجزء الذي تعرض للانفجار من مخزن العتاد، يعود إلى فصيل مقرب جداً من الجنرال قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، ما دفع ببعض الفصائل إلى اتهام إسرائيل مجدداً بقصف المخزن، وهي الحادثة الثالثة من نوعها، التي تخص الميليشيات، بعد تفجير مخازن في صلاح الدين، وديالى أخيراً، الأمر الذي أثار الهلع في المدن الكبرى، حيث تنتشر مخازن ميليشيات «الحشد الشعبي». وسارع رئيس الحكومة العراقية عادل عبدالمهدي إلى زيارة مكان الحادث، لكنه تعرّض لموجة انتقادات شعبية واسعة تسأله عن «السر» في عدم تحقيق وعده بإخراج سلاح الميليشيات خارج المدن، ووصل الأمر بنائب رئيس الحكومة السابق بهاء الأعرجي، إلى وصف ما جرى بما لم يخل من السخرية، قائلاً إن «ما تفجر من عتاد لا يمتلكه الجيش ولا الحشد، بل أمانة لدينا من دولة جارة، وقد استُهدفت الأمانة هذه من دولة استعمارية ظالمة، بناء على وشاية عراقية خائنة».وذكرت مصادر سياسية رفيعة المستوى لـ «الجريدة» أن «أزمة تدور في أروقة الجيش والقوات المشتركة تتعلّق بوجود فيديوهات تسجّل دخول صواريخ إيرانية كبيرة إلى العراق عبر منافذ حدودية في الكوت وديالى»، مشيرة إلى أن «الجانب الأميركي حصل على بعضها، ويحاول مراقبة حركة الصواريخ عبر الحدود مع سورية، رغم أنه يجري إخفاؤها بطرق معقدة، وأحياناً داخل برادات عملاقة للمواد الغذائية».وكانت مصادر كشفت لـ «الجريدة» الشهر الماضي، أن واشنطن تحدثت مع هادي العامري، رئيس «منظمة بدر» الفصيل الشهير في العراق، عن جناح في فصيله يتولّى تخزين صواريخ متوسطة المدى، مشيرة إلى أن العامري يرى أن الإيرانيين يريدون توريطه عبر أجنحة ترتبط بالجنرال سليماني، في توسيع للأزمة بين واشنطن وطهران، وإقحام العراق فيها.وقبل انفجارات بغداد بساعات، أثارت «مديرية صحة بابل» أزمة كبيرة حين أعلنت دفن «٣٠ جثماناً قديماً من الجثث المجهولة، بعد مكوثها في المشرحة مدة تقارب العامين»، وسرعان ما اتضح أن الجثث جزء من نحو ٢٠٠ جثة جرى التكتم عليها منذ عام ٢٠١٦، ولم تعرض لفحص الحمض النووي، رغم اختفاء مئات الأشخاص جنوب بغداد أثناء الحرب مع تنظيم «داعش»، واتهام الميليشيات الشيعية بالتورط في تصفيتهم طائفياً.ولم تنجح التوضيحات الرسمية المقتضبة في إسكات البيانات التي أصدرتها جهات نيابية سُنية تطالب بالتحقيق الفوري في الدفن المتأخر لهذه الجثامين، لدرجة أن رئيس الحكومة السابق، حيدر العبادي، أصدر بياناً طالب فيه بغداد بالتحقيق، منعاً لتفجّر موجة الكراهية الطائفية ثانية.ولم يحسم العراق تحقيقاته بشأن اختفاء أعداد كبيرة من الرجال والنساء أحياناً أثناء الحرب على «داعش»، والتي شهدت خروقات رهيبة لحقوق الإنسان على يد الميليشيات.