في محاولة لتهدئة الأوضاع، تمهيداً لإطلاق حوار بين حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي المعترف بها دولياً والمجلس الانتقالي الجنوبي، وصلت لجنة سعودية- إماراتية، أمس، إلى العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، للإشراف على انسحاب قوات المجلس الجنوبي من المقرات الحكومية التي استولت عليها قبل 5 أيام.

وأكدت مصادر أن الحماية الرئاسية التابعة للحكومة تسلمت محيط قصر معاشيق الرئاسي في عدن من عناصر المجلس الانتقالي.

Ad

وأفادت المصادر بأن قوات المجلس الانفصالي سحبت عناصرها من القصر الرئاسي، استجابة لطلب من تحالف إعادة الشرعية بقيادة السعودية كمبادرة حسن نوايا للدخول في الحوار الذي دعت إليه الرياض.

جاء ذلك عقب أيام من سيطرة قوات «الحزام الأمني» التابعة للمجلس الانتقالي على عدن، بعد اتهامها لعناصر حزب «الإصلاح»، المحسوب على جماعة «الإخوان»، المتحالف مع هادي بالتواطؤ في هجوم صاروخي شنته جماعة «أنصار الله» الحوثية على استعراض أمني، وأسفر عن مقتل 36 شخصاً.

وأسفرت المعارك، التي تواصلت عدة أيام بين الحكومة و«المجلس الانتقالي»، عن استيلاء عناصر الأخير على العديد من المعسكرات والألوية العسكرية للفريق الأول، فضلا عن قصر معاشيق ومؤسسات أخرى.

ولم يتوقف القتال، الذي أسفر عن مصرع 40 شخصا وإصابة 260، إلا بعد تهديد قوات التحالف بقيادة الرياض باستخدام القوة ضد من ينتهك هدنة أعلنها من جانبه. وبالفعل نفذت قوات التحالف عملية من هذا النوع ضد منتهكي «الهدنة».

وهذه ليست المرة الأولى التي يشتبك فيها الانفصاليون مع الوحدات الموالية للرئيس هادي.

وفي يناير 2018، شهدت عدن قتالا عنيفاً بين الانفصاليين والقوات الحكومية أدى إلى مقتل 38 وإصابة 220.

في غضون ذلك، دعا المجلس الانتقالي، دول التحالف العربي إلى تسليم إدارة الجنوب لأهلها، وتمكينهم من إقامة دولتهم.

وجاء ذلك وفق بيان صادر عن فعالية أقامها المجلس، في عدن حملت اسم «مليونية النصر والثبات».

وطالب البيان المجتمع الدولي والتحالف بـ«احترام إرادة شعب الجنوب في مطالبته بالاستقلال».

وعبّر عن تأييد الشعب الجنوبي لكل ما قامت به ما وصفته بـ«المقاومة الجنوبية» في حماية الشعب وبسط الأمن، واعتبار ذلك إجراء ضروريا اقتضته الحاجة.

ولفت إلى أن «ما حصل في عدن أخيراً كان نتيجة حتمية لعقلية نظام صنعاء وقواه الحوثية والإرهابية، ولفشل وسوء ممارسات الحكومات الشرعية المتعاقبة التي تحولت إلى مقصلة على رقاب الشعب منذ تحرير عاصمة الجنوب عدن قبل أربع سنوات». ورحب في الوقت نفسه بدعوة السعودية لإجراء حوار مع هادي.

حشد وتفويض

واحتشد مئات الآلاف في ساحة العروض بمدينة خور مكسر، استجابة لدعوة وجهها المجلس إلى أنصاره، لإظهار حجم الدعم الجماهيري الذي يحظى به، قبل الذهاب إلى الحوار في الرياض.

وجدد الحاضرون تفويضهم لرئيس المجلس عيدروس الزبيدي بمواصلة تحمل المسؤولية التاريخية بالتفويض الممنوح له من الشعب لإقامة دولة الجنوب.

كما شددوا على ضرورة استكمال وتطهير باقي المناطق، التي لاتزال تحت سيطرة جماعة «أنصار الله» الحوثية، إضافة إلى وادي حضرموت شرقي البلاد، الخاضع لقوات حكومة هادي.

وقال بيان صادر عن التظاهرة، إن «حشد اليوم يعبر عن معاني الوفاء والتحدي والعزم على مقاومة كل أنواع الظلم والقهر والاستبداد، انتصاراً لكرامة الجنوب وإرادته الوطنية الحرة نحو استعادة دولته المستقلة كاملة السيادة بحدودها المعترف بها دوليا قبل 21 مايو 1990».

تعاون جنوبي

في غضون ذلك، أكد القيادي الجنوبي، أحمد عمر فريد، أن المجلس الانتقالي حليف وثيق لدول التحالف في «دحر المشروع الإيراني الحوثي».

وقال القيادي عبر «تويتر»: «أحلام الذين أرادوا لنا أن نظهر بخلاف ذلك»، في إشارة إلى أن المعارك التي نشبت في عدن بين قوات الحكومة اليمنية وعناصر الانتقالي لن تؤثر على علاقات الأخير مع التحالف بقيادة السعودية.

وقال القيادي إن صور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز موجودة بكثافة في قلب الحشود.

وفي وقت سابق، أكد عضو هيئة رئاسة المجلس، ناصر الخبجي، أن استقلال دولة الجنوب سيحدث، والمجلس يقترب منه، وهذا يخدم الجنوب والسلام في اليمن ودول المنطقة والعالم.

«لا حوار قبل الانسحاب»

في المقابل، حملت الخارجية اليمنية، أمس، الإمارات و«الانتقالي الجنوبي» مسؤولية «انقلاب عدن».

والأربعاء، طالبت حكومة هادي، بانسحاب الانفصاليين من المواقع التي سيطروا عليها بعدن قبل أي حوار سياسي معهم.

وأكدت وزارة الخارجية اليمنية، في بيان، أن الحكومة اليمنية تجدد ترحيبها بـ«الدعوة المقدمة من المملكة العربية السعودية الشقيقة لعقد اجتماع للوقوف أمام ما ترتب عليه الانقلاب في عدن».

وأضاف البيان: «يجب أولا أن يتم الالتزام بما ورد في بيان التحالف من ضرورة انسحاب المجلس الانتقالي من المواقع التي استولى عليها خلال الأيام الماضية قبل أي حوار».

ولاحقاً، أعلنت الخارجية اليمنية، تعليق عمل مكتبها بعدن، على خلفية ما أسمته بـ "التمرد المسلح" الذي نفذه المجلس الجنوبي.

في السياق، أكدت «أنصار الله» المتمردة المسيطرة على العاصمة صنعاء، أمس، أنها تراقب الأحداث في عدن، وتدرس ما سيؤول إليه الوضع هناك.

جاء ذلك في تغريدة لعضو المجلس السياسي الأعلى في الجماعة المتحالفة مع إيران محمد علي الحوثي.