وسط أجواء احتفالية، وحضور رسمي لافت من دول عدة في مقدمتها الكويت والسعودية ومصر، أسدل السودانيون أمس الستار على الحكم العسكري الذي استمر 3 عقود، وانتصروا للدولة المدنية بتوقيع «الوثيقة الدستورية»، محققين أكبر خطوة على طريق الحرية والديمقراطية.

وبعد ثمانية أشهر من الثورة على نظام حكَم الشعب بقبضة حديدية وأجبره على تدابير تقشفية لمواجهة أزمة اقتصادية تسببت في زيادة سعر الخبز ثلاثة أضعاف، دخل السودان مرحلة انتقالية تقوده إلى الحكم المدني بتوقيع نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان دقلو وممثل تحالف «إعلان قوى الحرية والتغيير» أحمد الربيع الوثيقة التاريخية، التي حملت اسم «فرح السودان»، في قاعة الصداقة الفخمة المطلة على نهر النيل بالخرطوم.

Ad

وفور انتهاء التوقيع، حمل رئيس المجلس العسكري عبدالفتاح البرهان الوثيقة عالياً، ولوح بها وسط تصفيق الحاضرين، وبينهم رؤساء دول وحكومات إفريقية وممثلون عن الاتحادين الإفريقي والأوروبي والولايات المتحدة ووزراء ومسؤولون من الكويت ودول خليجية وعربية.

وحسب الخريطة الزمنية لتأليف الحكومة الانتقالية، سيتم اليوم إعلان تشكيل المجلس السيادي، الذي سيتألف بأغلبيته من المدنيين، على أن يعين رئيس الوزراء بعد غد الثلاثاء، وتشكل الحكومة 28 الجاري، ثم يلتقي الوزراء مع المجلس السيادي في الأول من سبتمبر للمرة الأولى، على أن تجرى انتخابات عامة بعد المرحلة الانتقالية التي بدأت في 4 أغسطس وستبلغ مدتها 39 شهراً.

ومع انطلاق احتفالات رسمية وشعبية في عموم السودان، تعهد البرهان ببذل كل الجهود لحماية الحكم المدني الديمقراطي، في حين أكد ممثل «الحرية والتغيير» محمد ناجي أن توقيع الوثائق النهائية للفترة الانتقالية يفتح صفحة جديدة، ويطوي حقبة من الفساد والانتهاكات، مشيراً إلى أن القوى ستعمل على أن يكون السلام شاملاً في كل مناطق الحروب دون استثناء.

وأنهى الاتفاق، الذي تم التوصل إليه في 4 أغسطس، نحو ثمانية أشهر من الاضطرابات بدأت بتظاهرات حاشدة دفعت الجيش لإطاحة الرئيس عمر البشير في أبريل الماضي بعد 30 سنة من حكم السودان بقبضة من حديد.

وإذ أكد الوسيط الإفريقي محمد الحسن ولد لبات أن القارة توحدت وراء إرادة الشعب السوداني، اعتبر رئيس وزراء إثيوبيا أبي أحمد أن الاتفاق بمنزلة بداية الطريق إلى الديمقراطية، في وقت أكد نظيره المصري مصطفى مدبولي دعم القاهرة لتطلعات الشعب السوداني، مشدداً على أن العلاقات ستشهد طفرة غير مسبوقة في الفترة المقبلة.

وفي وقت سابق، اختار المجلس العسكري خمسة من أعضائه الحاليين لتمثيله في المجلس السيادي، أبرزهم الفريق دقلو والفريق شمس الدين الكباشي، والفريق ياسر العطا، مشيراً إلى تسميته الفريق أول جمال عمر لتولي حقيبة الدفاع في حكومة المرحلة الانتقالية.

وبعد اتفاق الحركة الاحتجاجية الخميس الماضي على تعيين المسؤول السابق في الأمم المتحدة عبدالله حمدوك، وهو خبير اقتصادي مخضرم، رئيساً للوزراء، اختارت «الحرية والتغيير» تاج السر علي الحبر رئيساً للقضاء بعدما رفض المجلس العسكري في وقت سابق ترشيح عبدالقادر محمد أحمد لهذا المنصب.

اختصاصات وصلاحيات مجلس السيادة

يختص المجلس السيادي، الذي يضم ممثلين عن المجلس العسكري الحاكم، منذ عزل الرئيس السابق عمر البشير، وقوى الحرية والتغيير التي قادت الحراك في الشارع، حسب الإعلان الدستوري الموقع من الطرفين، بجملة من المهام؛ أهمها التصديق على تعيين رئيس مجلس الوزراء الذي تختاره المعارضة، واعتماد فريقه الحكومي.

وتشمل المهام كذلك اعتماد ولاة الولايات وأعضاء المجلس التشريعي الانتقالي، والموافقة على تشكيل مجلس القضاء العالي وتعيين رئيس القضاء وقضاة المحكمة العليا ورئيس وأعضاء المحكمة الدستورية والنائب العام بعد اختياره من جانب مجلس الوزراء، إضافة إلى اختيار سفراء السودان في الخارج بترشيح من مجلس الوزراء، وقبول واعتماد السفراء الأجانب.