قصر البارون خضع لعملية ترميم صعبة ودقيقة
بتكلفة 100 مليون جنيه... وخطة لتحويله إلى مركز توثيق أثري
يستعد قصر البارون التاريخي الواقع في ضاحية مصر الجديدة (شرق القاهرة) لاستقبال زائريه من عشاق البنايات الأثرية خلال نوفمبر المقبل، بعدما خضع لعملية ترميم صعبة ودقيقة خلال الشهور الفائتة، لاستعادة بهاء القصر، الذي يحظى باهتمام كبير من جانب المصريين، نظراً لأنه تحفة فنية ومعمارية لا مثيل لها في العالم، كما يضم مجموعة فريدة من التماثيل.
يعد قصر البارون تحفة معمارية فريدة من نوعها شيده البلجيكي البارون إدوارد إمبان (20 سبتمبر 1852 - 22 يوليو 1929)، الذي جاء إلى مصر قادماً من الهند في نهاية القرن التاسع عشر، في أعقاب افتتاح قناة السويس، ويقع القصر المشيد على الطراز الهندي في قلب منطقة مصر الجديدة بالقاهرة، وتبلغ مساحته نحو 12.5 ألف متر، وقد صمم البارون القصر بحيث لا تغيب عنه الشمس التي تدخل جميع حجراته وردهاته، وهو من أفخم القصور الموجودة في مصر.وفي إطار اهتمام وزارة الآثار المصرية بتعزيز الجوانب الفنية، وتنشيط المتاحف والقصور التاريخية والأثرية، بدأت قبل أشهر خطة عمل لترميم قصر البارون في شارع العروبة بضاحية مصر الجديدة، وقام وزير الآثار خالد العناني، قبل أيام، بزيارة تفقدية إلى القصر، للوقوف على أعمال مشروع الترميم الجارية.وخلال الجولة أعلن الوزير انتهاء أعمال ترميم قصر البارون بعد 90 يوماً، ووصلت نسبة انتهاء العمل حالياً إلى 90 في المئة، موضحاً أنه تم تقديم عروض تجارية لوزارة الآثار باستغلال القصر تجارياً، لكن الوزارة رأت أن الطبيعة الأثرية للقصر يجب أن تكون إشعاعاً للثقافة.
التدعيم الإنشائي
وتضع الوزارة حالياً اللمسات الأخيرة على قصر البارون، تمهيداً لافتتاحه أمام الجمهور قبيل نهاية العام الحالي، حيث تم الانتهاء من أعمال التدعيم الإنشائي لأسقف القصر وترميمها، وتشطيب الواجهات والعناصر الزخرفية، وترميم التماثيل الموجودة في موقع القصر، واستكمال النواقص من الأبواب والشبابيك، ونزع جميع الأسقف والكرانيش، والبدء في أعمال رفع كفاءة الموقع العام للقصر وتنسيق الحديقة الخاصة به، وتبلغ تكلفة أعمال المشروع 100 مليون جنيه، وتخطط الوزارة لتحويله إلى مركز توثيق أثري بعد افتتاحه المزمع في نوفمبر المقبل.وأضاف العناني أنه سيتم زيادة طول السور المحيط بالقصر، حتى لا يتجاوزه أحد من المارة، موضحاً أنه يجري حالياً تصميم سور بمحيط القصر يليق بتاريخ القصر الأثري، لافتا إلى أن السور الموجود أو السياج الحديدي الحالي ليس أثرياً، حيث تم وضعه منذ 13 عاماً فقط، ولا يليق بتاريخ القصر.الألوان الأصلية
وفي السياق ذاته، قال مساعد وزير الآثار للشؤون الهندسية والمشرف العام على مشروع تطوير القاهرة التاريخية، العميد هشام سمير، إن «ألوان الواجهات الخاصة بقصر البارون هي نفس الألوان الأصلية، لاسيما أن القائمين على عمليات الترميم اتخذوا كل الإجراءات اللازمة من اختبارات وتحاليل وتوثيق فوتوغرافي ومعماري لمظاهر التلف، لوضع الخطط اللازمة وعمل العينات المطلوبة بأساليب الترميم العلمية المتبعة التي أظهرت الألوان الأصلية لجميع الواجهات، وبناءً عليه تم إجراء عملية الترميم لتلك الواجهات بالمحافظة، والتثبيت لما تم الكشف عنه من ألوان أصلية، والتي تأثرت سلباً نتيجة العوامل الجوية».الوثائق التاريخية
وتابع سمير في تصريحات له: «الدراسات التي سبق أن تمت للوقوف على الألوان الأصلية للواجهات شملت ذكر اللون في الوثائق التاريخية المتعلقة بالقصر، حيث ذكرت Amelie D Arschot في كتابها Le roman D heliopolis أن الواجهات كانت مغطاة بلون أبيض مع لون طوبي محروق مستوحى من معابد القرن الثاني عشر من شمال الهند، كما أوضحت Anne Van Loo في كتابها Helopolis ان البارون إمبان أراد أن يميز قصره عن باقي عمائر هليوبوليس التي كانت تتميز بلون الصحراء (اللون الترابي)، واختار الطوبي المحروق burnt Sienna.بناء القصر
كما تذكر وثيقة فرنسية تاريخية يرجع تاريخها إلى تاريخ بناء القصر عام 1911، أن القصر تم دهانه باللون burnt Sienna الطوبي المحروق، كما أن التوثيق الفوتوغرافي الذي تم عمله قبل الترميم يظهر اللون الأبيض لباطن القبو الغائر للمدخل وهو من الجبس، وكذلك لون الواجهات قبل أعمال الترميم وهو لون طوبي محروق، وهو ما ظهر بعد عمليات التنظيف.وأكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، مصطفى وزيري، أن ما أثير حول تغيير اللون الأصلي لواجهات القصر غير دقيق، ولا يوجد أي تغيير بالألوان، مشيراً إلى أن وزارة الآثار تدرك أهمية القيمة الفنية والتراثية لقصر البارون وتفرده المعماري من بين قصور تلك الحقبة التاريخية.
إزالة السياج الحديدي للقصر وتصميم سور جديد يليق بتاريخه الأثري
الانتهاء من تشطيب الأسقف والواجهات وترميم التماثيل والزخارف
الانتهاء من تشطيب الأسقف والواجهات وترميم التماثيل والزخارف