قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا
عرب الجزيرة والخليج هم من رفعوا راية الإسلام ودافعوا عنها ونشروها في أنحاء العالم، وهم اليوم من يتصدون للمشروع الإمبراطوري الفارسي؛ فحكام طهران منذ قيام ثورتهم المشؤومة يشعلون الحروب من أجل احتلال الدول العربية وإخضاعها للنفوذ الإيراني.
«قَالَتِ الْأَعْرَابُ آَمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (الحجرات ـ 14) «يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ» (الحجرات – 17) جاءت هاتان الآيتان في آخر سورة الحجرات، وهي ليست من السور الطوال ولكنها حملت معاني عظيمة وإرشادات وخلقاً طيباً حثت المسلمين على الالتزام به. نهتهم عن التكبر والغيبة والسخرية من الآخرين، وحثتهم على التأدب مع النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد سُمِّيت سورة الحجرات بهذا الاسم لأنه ذُكِر فيها لفظ الحجرات، إذ نزلت في نداء جماعة من الأعراب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ من وراء حجراته، أي بيوته، في وقت راحته، وطلبوا منه الخروج إليهم، فهي تخاطب أولئك الأعراب وتنتقد طبيعتهم المتصفة بالجفاء والغلظة والذين جاءوا إلى المدينة يمنون على الرسول بإسلامهم وإيمانهم، ظانين أن الإيمان كلمة سهلة تقال باللسان، فأوضحت السورة الفرق بين الإيمان والإسلام، وأن الحالة التي كان عليها أولئك الأعراب نوع من الاستسلام لواقع جديد، وأوضحت شروط الإيمان الكامل، وهو الذي يجمع بين الإيمان والإخلاص والجهاد والعمل الصالح.
ولعل الفرق بين العرب والأعراب أن كلمة العرب أشمل، فقد تعني من يسكن المدن والأرياف ويتكلمون العربية، أما الأعراب فهم سكان الأرياف والقرى والذين لا يخرجون منها إلا لحاجة ثم يعودون إليها، وأكسبتهم تلك الظروف القاسية غلاظة في الطباع والسلوك وانغلاقاً في التفكير وتبلداً في الفهم. وكان الهدف من النقد الذي وجهه الدين الإسلامي إلى أولئك الأعراب هو تغيير طباعهم وسلوكهم، وبالفعل حدث ذلك التغير وحسن إسلام كثير منهم وأصبحوا من أصحاب رسول الله، لذلك وصفهم الله تعالى بقوله: «وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ قُرُبَاتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَوَاتِ الرَّسُولِ أَلَا إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» (التوبة ـ 99)وفي هذه الأيام يصف نصر الله العميل الإيراني ومن يحاربون معه لتحقيق أطماع إيران التوسعية، يصفون عرب السعودية والخليج بالأعراب والوهابيين والتكفيريين بقصد الاستهزاء والسخرية، وإلى هؤلاء جميعاً نقول إن عرب الجزيرة والخليج هم من رفعوا راية الإسلام ودافعوا عنها ونشروها في أنحاء العالم، وهم اليوم من يتصدى للمشروع الإمبراطوري الفارسي، فحكام طهران منذ قيام ثورتهم المشؤومة يشعلون الحروب من أجل احتلال الدول العربية وإخضاعها للنفوذ الإيراني.