عدالة «ناشيونال جيوغرافيك»!
![عبدالمحسن جمعة](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1583383269387080400/1583383291000/1280x960.jpg)
وأكمل: "من عرف أن يستغل الفرص في دولنا يتمتع بخيرها الآن. والدي، رحمة الله عليه، كان ذكياً، ففي نهاية عصر الغوص والسفر كنا شبه مفلسين، وكنا نبيع أصولنا واحداً تلو الآخر لنحافظ على مستوى معيشتنا، ولكن اسم عائلتنا كان ذا صيت واحترام في المجتمع. وعندما بدأ عصر النفط، وبدأت بعض تجمعات الشباب تتحدث عن توزيع الثروة وتتحدى السلطة؛ كان والدي يحضر معهم أو يدعوهم إلى ديوانه، فعلم أهل الحكم بذلك.فبدأت السلطة تدعو والدي في مناسباتهم، ويسألونه عن أحوال تجارته، وبعدها عينوا أحد أقربائنا في منصب مهم في الدولة، وهنا بدأت تنحل مشاكلنا المالية، وبدأنا نعيد مجدنا التجاري، وأصبح والدي في صف الحكم الذي يوفر الاستقرار للبلد في وجه الفوضويين وجماعة القوميين العرب والشيوعيين وأهل الديمقراطية، وكل المجانين الذين ظهروا في بداية الاستقلال".ردة فعلي كانت مختصرة، وقلت له: أين العدالة في ذلك؟... فانتفض غاضباً وقال: "الأخ الصحفي، لا تفلسف الأمور... أنت ما تشوف قناة ناشيونال جيوغرافيك؟"، فقلت له: ما علاقة ذلك بموضوعنا؟! فقال: "ما شفت الأسد اشلون يفترس الحيوان الأضعف ويأكله، وعندما يشبع تأتي لتأكل الضباع ثم الثعالب ثم في النهاية الحيوانات القمامة، كل حسب رتبته وقوته في الغابة؟!"، فعلّقت عليه: ولكن البشرية تخطت منذ أمد بعيد أسلوب حياة مملكة الحيوان والغابة. فضحك وقال: "نحن مازلنا نعيش مرحلة مملكة الحيوان، والأقوى من يحصل على النصيب الأكبر، وأحياناً الأذكى". عند ذلك غيرتُ الموضوع، لأنه لا فائدة من مناقشة شخص يعتبر نفسه وشعبه حيوانات... وتأكدت بأننا في العالم العربي نعيش في عصر عدالة "ناشيونال جيوغرافيك"!