بالعربي المشرمح: ورحل معلمي
![محمد الرويحل](https://www.aljarida.com/uploads/authors/706_1689527706.jpg)
كان يعشق أخاه الوحيد، لدرجة أنه كان يقول لي «هذا أبوي مو أخوي»، فعلمني كيف أحب الجار والأخ والصديق وأحترم الكبير وأرحم الصغير وأعطف على الضعيف والفقير، ولا أنافق القوي الغني، علمني أن الأرزاق بيد الله، وأن البشر لن يغنوك إذا لم يرد لك الله الغنى. علمني حب الوطن والولاء له، ورغم قوة بأسه رأيته ثالث أيام الغزو يغالب دموعه، فقال: «محمد الكويت راحت، ما خذتها إسرائيل، خذوها يهود العرب، لكن الله حافظها وراح ترد، وبينتقم لها ربنا، لأنه يعلم أن أهلها أهل خير وبركة». علمني حب العروبة الحقيقية لا «العربجية»، كان رحمه الله محباً لأسرة الصباح ويقول لي ولإخوتي إنهم من أصلح وأفضل حكام العرب لشعوبهم. كان رحمه الله مدرسة في الحياة، صلواته الخمس في المسجد، فأحبه الله وحبب فيه خلقه، كان محباً لصحبه وأقربائه، يحرص على زيارتهم، حتى أنه حين فقد منهم الكثير بعدما ذهبوا إلى جوار ربهم، كنت أشعر من عينيه أنه يشتاق للحاق بهم، وها هو يلحق بهم، رحمه الله، كان يتحدث مع الصغير كأنه كبير دون أن يشعره بفارق السن معه، لذا كان معظم أصدقاء أبنائه يزورونه ويجلسون معه كأنه صديقهم.كنت ابنه وصديقه وأخاه، وفي آخر أيامه كان يقول لي «انت الحين أبوي»، لذا فقدت بفقده أبي وصديقي وأخي وابني ومعلمي في لحظة واحدة، فما أشد هذا المصاب الجلل؟!يعني بالعربي المشرمح:رحل رجل جمع كل ما هو جميل في الدنيا، يصعب على من عرفه تقبل رحيله بسهولة دون حزن وألم، فما بالكم بمن كان ظله وابنه وأخاه وصديقه ووالده؟ لكن إيماننا بقضاء الله وسنته في الحياة جعلني أتقبل رحيله، داعياً المولى عز وجل أن يرحمه ويغفر له ويوسع منزله ويجعل قبره روضة من رياض الجنة، وينزله منزلة الصالحين الطيبين الأبرار الأخيار بصحبة الأنبياء والصديقين والشهداء، ويلهمني وجميع محبيه الصبر والسلوان، ويعطر ألسنتنا بذكراه والدعاء له ما حيينا، فوداعاً ليس كأي وداع يا أبا محمد يا حبيبي.