الحكومة تبي فوطة!
على ذمة جريدة القبس، الحكومة تطالب باقتراحات المواطنين ومبادراتهم الداعمة لخطط التنمية، وكأن حكومتنا الرشيدة أنهت واجباتها الأساسية الأصيلة، وتفرَّغت الآن للإبداع والخروج من الصندوق القديم الذي تربَّت فيه، فمثل هذا الخبر -إن صدق- يجعلك تشك بنفسك، وتتساءل إن كان يفوتك شيء لا تعرفه، أو أن هناك كويتاً أخرى مخصصة للحكومة والوزراء يقيمون فيها بعيداً عنا على غرار المنطقة الخضراء في بغداد، مما يجعلهم منفصلين عن واقعنا لهذه الدرجة، أو أن الحال، كما وصفه أحدهم، بأن الحكومة من المريخ والشعب من الزهراء والجهراء والفيحاء!ورغم ذلك، ودرءاً للشبهات والاتهامات المتبادلة، سنساهم بدورنا في مساعدة الحكومة بتقديم الأفكار، ولنبدأها بأكثرها ملامسة لحياة الناس وهي الشوارع، فإن كنتم تعيشون معنا وتسيرون فوقها، فأصلحوها الله يصلحكم، فمن غير المقبول، بسبب نزول المطر، أن نعيش أبد الدهر بين الحفر، ثم اضبطوا بعد ذلك عملية تسيير حافلات النقل الجماعي، رعاكم الله، فهي إن لم تقضِ علينا بالدهس، فستفعل ذلك بسمومها السوداء التي تنشرها بالجو. هذا، وكما هو ثابت لديكم من أرقام، فبإمكانكم تسريع حل الأزمة الإسكانية، وإخراجها من دهاليز المراسلات واللجان، واستعجالها قليلاً، ومعاملتها كمعاملة مصالحكم الخاصة، ثم نتمنى بعد ذلك من جميع السادة الوزراء النزول على الأرض، وزيارة وزاراتهم بلا تصوير وإعلام، لمعرفة واستيعاب آلية عملها قبل المطالبة باقتراحات الناس، فلو أن كل وزير نزل شخصياً لإنهاء معاملته بوزارته أو وزارة زميلة، لما احتجتم لاقتراحات من أحد، بل ربما تقدمتم باستقالاتكم وانقلبتم للمعارضة، وغادرتم لإسطنبول، نتيجة لما ستعانونه من كثرة المشاوير والأختام والمراقبين واللجان والاجتماعات التي يعقدها المديرون ولا يخرجون منها. ولأن الطبع يغلب التطبع، فحتى اللجنة المخصصة لاستقبال الاقتراحات لا أظنها ستكون بالنهاية أفضل حالاً من أخواتها الصغار والكبار، بحُكم التربية المشتركة، لذا وحفاظاً على الوقت والمال والجهد، أقترح على الحكومة الموقرة، إذا كانت عازمة وصادقة في نواياها، أن تباغتنا بتقديم استقالتها بحركة إبداعية مفاجئة من غير استجواب ولا تأزيم، ومن ثم اختيار وزراء جُدد بناءً على معايير الكفاءة، لا المحاصصة، و"يحليله هذا ولدنا"، وبعيداً عن مزارع تفريخ الوزراء المعتادة، وهذه بحد ذاتها ستكون أولى وأهم خطوات التغيير والتطوير الداعمة لخطط التنمية في البلاد، ونكتفي بهذا القدر من الاقتراحات.