حروب بالوكالة تضع بغداد بمواجهة الميليشيات
مصدر حكومي لـ الجريدة.: عبدالمهدي لن يتهاون مع صواريخ «الحشد»
لأول مرة منذ تسلّمه منصبه قبل أقل من عام، دخل رئيس الحكومة العراقية عادل عبدالمهدي، مواجهة معلنة مع أرفع قيادي في الميليشيات المقرّبة من إيران، إثر خلاف معقّد حول دور هذه الفصائل العراقية ومخازن أسلحتها داخل الأزمة بين واشنطن وطهران.وفي ساعة متأخرة من ليل الأربعاء - الخميس، عقد عبدالمهدي اجتماعاً طارئاً لقادة الحشد الشعبي، نتج عنه بيان نادر رفض فيه أن يقوم القائد الأبرز للميليشيات العراقية المعروف بـأبومهدي المهندس أو جمال الإبراهيمي، بتهديد القوات الأجنبية أو التصريح باسم الدولة العراقية في ملف مخازن الأسلحة التي تتعرض لتفجيرات غامضة متلاحقة جنوب بغداد وشمالها.واتهم المهندس القوات الأميركية باستخدام طائرات إسرائيلية لتفجير العتاد والصواريخ المتكرر، محذراً من «الردع بأسلحة أكثر تطوراً»، في بيان أحرج بغداد التي تحاول الالتزام بمبدأ الحياد، وتضمّن إعلاناً لإمكان أن تتصرف الميليشيات من طرف واحد، وتشتبك بمساعدة يفترض أنها إيرانية، مع القوات الأجنبية، خاصة بعد تسريبات «الحرس الثوري» الذي تحدّث عن تدخّل لحماية المقربين منه في العراق وبأسلحة متطورة.
ويشغل المهندس منصب نائب هيئة الحشد الشعبي، التي باتت رسمية وتابعة للحكومة، ويوصف بأنه أقوى رجال إيران في العراق، لكن بيان عبدالمهدي بعد اجتماعه مع قادة الحشد يؤكد أن تهديد المهندس لا يمثّل سياسة حكومته، وأنه هو، حصراً، المخول التصريح في هذا الملف. واعترف البيان بأن التحقيقات تدل على دور خارجي في استهداف مخازن الصواريخ، ووعد باستكمال التحقيقات.وقال خبراء عراقيون وناشطون إنهم بصدد بناء جماعات ضغط لإجبار الحكومة على جرد علني للأسلحة غير القانونية الموجودة في مخازن الحشد، لأنها باتت تتعرض لتفجيرات خطيرة كل يوم، وتؤثر على الأمن وعلاقات العراق بشركائه الدوليين.وقال المراقبون إن حكومة عبدالمهدي تتعامل بحذر مع الضغط الإيراني، لكن بيان الأربعاء جاء ترضية واضحة للرأي العام الغاضب في العراق، والمعارض للخضوع للضغوط الإيرانية في ملف الأمن، وأيضاً للشركاء الدوليين والعرب الذين يراهنون على مواقف إيجابية للعراق في أزمة الخليج.وشهدت الأسابيع الماضية نحو خمسة تفجيرات كبرى غامضة لمخازن تعود لفصائل الحشد، آخرها وقع مساء الثلاثاء قرب قاعدة بلد شمال بغداد، حيث يوجد مقر مهم للقوات المشتركة العراقية والأميركية، ومدرج أساسي لطائرات إف 16 العراقية.وفي حديث مع «الجريدة»، قال مصدر حكومي إن عبدالمهدي يضع على طاولته ملف «الحرب بالوكالة» المتصاعدة بين واشنطن وطهران، حيث يمتنع الطرفان عن حرب مباشرة، فيستخدمان فصائل شيعية مسلحة في مواجهة أطراف أخرى قد تكون إسرائيل أو غيرها، وفق تعبير المصدر.وتوقّع أن يجري خلال الفترة المقبلة استخدام ملفات أخرى غير مخازن سلاح الحشد، لتأجيج حرب الوكالة هذه على الساحة العراقية، مشيراً إلى أن بغداد لا تهمل ملف المخازن أو أي وجود للسلاح والصواريخ خارج سيطرة الدولة، لكن المسألة، حسب وصفه، «معقّدة وتحتاج إلى تدابير وكسب تأييد أوسع من الأطراف قبل الإجراءات الأساسية».