211 مبنى شاهقاً تروي أسطورة عُمان التاريخية عبر أزمنة خلت، كانت فيما مضى تمثل كياناً سياسياً رفيعاً، يلتقي فيها الحكام والأئمة والشعب، ومن خلالها تنطلق الجيوش، وهي ممتدة على رقعة جغرافية واسعة عبر أكبر من ثلاثمئة ألف كيلومتر مربع، ولا تكاد تخلو ولاية منها؛ إنها قلاع عمان وحصونها التليدة.وعبر الإحصاءات الأخيرة الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات حتى عام 2017، فإن عدد القلاع والحصون المرممة بلغ 82 قلعة وحصناً، تحتل مسقط أعلى المحافظات من حيث القلاع بواقع خمس منها من أصل 21 قلعة، في حين تأخذ محافظة شمال الباطنة نصيب الأسد من حيث عدد الحصون عبر 11 حصناً من أصل 61 حصناً، كما يبلغ عدد الأبراج المرممة في السلطنة 129 برجاً.
وتلك القلاع والحصون جسدت بطولات وتاريخ عُمان، وكانت مقراً لعقد الاجتماعات الطارئة ومناقشة كل ما يتعلق بالجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي أفيائها أقيمت حلقات العلم والدراسة، ولكل منطقة ما يميزها وتنفرد به عن غيرها.فإن ذكرت العمارة تجلى حصن جبرين كإحدى عجائب العمارة العمانية المدهشة بما يمثله من هندسة فريدة، ونقوش وزخرفة آسرة، وإن تُلي التاريخ فستتقافز قلعة بهلاء إلى الأذهان كإحدى أقدم القلاع العمانية التي يعود بناؤها إلى ما قبل الإسلام، وأدرجت ضمن لائحة مواقع التراث العالمي منذ عام 1987، في حين تمثل قلاع وحصون نزوى والرستاق والجلالي والميراني ونخل وصحار ومرباط وعبري والمضيبي وإبراء؛ مواقع دفاعية غاية في الدقة والتحصين وضخامة البناء.موقع وزارة السياحة العمانية اختار تسع قلاع و14 حصناً بوصفها واجهة سياحية وتاريخية مهمة يجب على السائح زيارتها والاطلاع عليها، إذ جاءت قلعتا الجلالي والميراني في الواجهة، وهما مطلتان على بحر عمان بجوار سوق مطرح بالعاصمة مسقط.ويرجع البعض تسمية قلعة الجلالي إلى معنى الجلال والجمال الفائق، ويرجعها آخرون إلى اللفظ الفارسي "جلال شاه"، وهو اسم أحد قادة الفرس. وينسب البعض تسمية قلعة الميراني إلى كلمة "ميرانتي"، وهي كلمة برتغالية تعني "الأميرال"، كما يرجعها آخرون إلى كلمة "ميران شاه"، وهو أحد قادة الفرس أيضاً. وتحملت القلعتان عبء الدفاع عن المدينة ضد الحملات البرتغالية.كما تمثل قلعة مطرح المتنفس الوحيد الواصل بين ولايتي مسقط ومطرح، وهي تتكون من أبراج ثلاثة، وتحوي مجموعة متنوعة من المدافع والعربات القديمة من مختلف البلدان؛ كالمدافع البرتغالية والبريطانية والفرنسية والأميركية والهندية والفارسية.وعلى مقربة منها تتجلى قلعة الرستاق التي يرجع بناؤها إلى عام 1250، متسلحة بأبراج أربعة، في حين تعد قلعة صحار من أبرز القلاع المعمارية لأدوارها التاريخية، وحسب الحفريات الأثرية المكتشفة حولها فإن بناءها يعود إلى القرن 14 الميلادي، ويعود تاريخ بناء معالمها الحالية إلى عهد البرتغاليين.وفي ولاية البريمي يقع "حصن الحلة" الذي ينفرد برسومه وزخارفه المصنوعة من الجصّ، وإلى شمال شرقي عمان يبرز حصن المنترب الذي بني في القرن 13 الميلادي، وأصبح في عهد الإمام عزان بن قيس مركز السلطة التشريعية والإدارية في المنطقة.وما تنفك السلطنة تولي اهتماماً وعناية فائقين بهذه التحف المعمارية العتيقة، ويدلل على ذلك فوز حصن خصب في 2010 بجائزة الأوسكار في مسابقة المتاحف والتراث السنوية التي أقيمت بالعاصمة البريطانية لندن، كأفضل موقع تاريخي يطور للأغراض السياحية على مستوى العالم، متفوقاً على 250 مؤسسة ومنشأة ومتحفاً عالمياً.
توابل - ثقافات
حصون عُمان وقلاعها تحف معمارية وشواهد تاريخية
26-08-2019