هبوط الأسعار... التداعيات والأصداء المحتملة
لعل أبرز التطورات التي شهدتها أسواق الطاقة في الآونة الأخيرة قد تمثّل في لعبة عض الأصابع وإقحام صادرات النفط في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، إضافة الى تقرير وكالة رويترز الذي أشار الى أن توسع الصين في حقل البتروكيماويات يهدد الكثير من الدول الأخرى، وأن الزيادة السريعة في إنتاج البتروكيماويات في الصين يمكن أن ترغم المنتجين في اليابان وكوريا الجنوبية على خفض الإنتاج في الربع الثاني من عام 2020.وعلى صعيد الحرب التجارية بين واشنطن وبكين، فقد أعلنت الأخيرة فرض تعرفات جديدة على صادرات النفط الأميركي رداً على قيام واشنطن بفرض تعرفات جديدة على سلع صينية. ويظهر ذلك تفاقم العلاقة بين البلدين والاحتمالات المتزايدة على انعكاس ذلك بشكل سلبي على مستقبل الاقتصاد العالمي.من جهة أخرى، تشير تقارير خبراء الطاقة الى أن الأسواق تتوقع تحقيق توازن موسع في النصف الثاني من هذا العام، وفي العام المقبل نتيجة الخفض الحاصل في إنتاج النفط وتحسّن الطلب على الرغم من مؤشرات الركود في الوقت الراهن.
وقد ازدادت مخاوف الركود بسبب التوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين، كما هبط مؤشر داو جونز الصناعي 800 نقطة أو 3 في المئة، وساعد خفض الإنتاج من جانب منظمة أوبك وحلفائها في تحقيق التوازن في أسواق النفط. وتجدر الإشارة الى أن "أوبك" والدول الحليفة قد خفضت الإنتاج بحوالي 1.2 مليون برميل في اليوم، بغية خفض المخزون العالمي من النفط وتحسين أسعاره. ولكن المجلة الاقتصادية "أوكسفورد ايكونوميكس" نشرت تقريرا يعرب عن قدر ضئيل من التفاؤل ويقول: "نحن نخفض في الوقت الراهن توقعاتنا للناتج المحلي الإجمالي والإنتاج الصناعي العالمي، ولكن احتمالات حدوث ركود في العام المقبل لا تزال تبدو متدنية، وذلك بسبب خفض معدلات الفائدة في الولايات المتحدة والإجراءات التحفيزية في دول أخرى".وعلى أي حال، لابد من الإشارة الى أن الدول الرئيسية المنتجة للنفط لم تلتزم كلها بالخفض، ولكن هناك درجة كبيرة من التعاون في هذا الصدد. غير أن التحدي التالي الذي يواجه منظمة أوبك يتمثل على الأرجح في التوازن النسبي للأسواق الذي يحتمل أن يستمر طوال هذا العام وفي 2020.ووفق محللين، فإن الصورة تظل ضبابية الى حد كبير، وخاصة بعد هبوط سعر نفط برنت في الوقت الراهن الى 59 دولارا للبرميل، وتداول نفط غرب تكساس الوسيط عند حوالي 54 دولاراً للبرميل – ويرجع ذلك في رأي الخبراء الى عوامل استثنائية مثل موسم الشتاء الدافئ في البعض من الدول المستهلكة الرئيسية والفيضانات الشديدة في الولايات المتحدة. وعلى أي حال تشير التوقعات الى تحسّن محتمل للطلب في النصف الثاني من هذا العام والعام المقبل.وفي خضم كل هذه التطورات التي يمكن وصفها بغير العادية في عالم الطاقة ثمة مناطق قوة يتعين عدم تجاهلها، ومنها توجه العراق وليبيا ونيجيريا نحو زيادة الإنتاج الذي قد يفضي الى حدوث تخمة في الأسواق.وعلى سبيل المثال، فقد ارتفعت معدلات الإنتاج في ليبيا بنسبة 60 في المئة محسوبة على أساس سنوي في شهر يوليو الماضي مع بدء التعافي من المستنقع السياسي فيها، كما رفع العراق إنتاجه الى مستويات قياسية بلغت 4.9 ملايين برميل في اليوم في ذلك الشهر، أي بزيادة بلغت 4 في المئة محسوبة على أساس سنوي.