الوظائف القيادية ركيزة أساسية في انتظام أعمال مؤسسات الدولة وتطورها وتطبيق قوانينها وحمايتها من الفساد ووقوع الظلم على الموظفين، ما تعيشه الكويت آخر عقدين من الزمن من الانحدار الإداري الفظيع وتنامي الفساد الخطير وسهولة التطاول على المال العام، وشيوع ظلم الموظفين، والفشل في تقديم الخدمات العامة وتطويرها، له سبب واضح لا شك فيه: سوء اختيار القياديين في الدولة.للقيادي سمات يجب توافرها فيه أهمها الأمانة والقوة، إذا فقد القيادي هاتين الصفتين أو إحداهما أصبح عبئاً على الوطن وعاراً على الدولة، ومصدر قلق للعاملين في موقعه، ويمكن باستطلاع بسيط لرأي الموظفين في أي جهة ما أن تعرف حجم المعاناة التي يعيشونها يوميا بسبب هذه النوعية التعيسة من القياديين الذين تسلطوا عليهم بفعل وباء الواسطة الخبيث، كما أن تقييم مستوى الخدمات المقدمة للعامة في أي مؤسسة حكومية أمر سهل استقصاؤه.
تسمع قصص هذه النوعية الرديئة من القياديين الذين ضاعت الجهات التي تولوا فيها القيادة، فهذا وكيل وزارة همّه نوع سيارته المخصصة له وفاتورة الهاتف المجانية، وهذا وكيل مساعد يذل ماء وجهه للحصول على مهمة رسمية أسبوع زمن، وكأنه فقير من السفر، وهذا مدير إدارة يتسول الأعمال الإضافية والمشاركة في أي لجان تائهة ليحصل على مكافآتها الشهرية فقط، وكأنه لاجئ إلى لجنة زكاة لا معين في وظيفة حكومية، وهكذا في كل وزارة ومؤسسة تسمع وترى أولئك "المشافيح" الذين لا يستحون قط من إذلال أنفسهم للحصول على أي دينار من الدولة يضعونه في جيبهم، مهملين مهامهم الحقيقية وواجباتهم الوطنية التي عينوا لأجلها، ومن الطبيعي أن هؤلاء "النماذج" من المسؤولين لا يستطيعون العمل في بيئة صحية ووسط وظيفي نظيف؛ لذلك يعززون الشللية ويجتمع حولهم "الطيّاح" من الموظفين الذين يقبلون على أنفسهم التحول من موظفين في الدولة إلى "خدم" عند معزبهم القيادي والمسؤول، مستعدين أداء أي خدمة لأجله داخل العمل وخارجه، ونتيجة ذلك اعتزال الكفاءات ومحاربة المخلصين، وهو ما أوصل الأجهزة الحكومية إلى ما هي فيه من الضياع، إلا من رحم الله.تعيين القياديين مدخل جوهري في الإصلاح الإداري، وطالما ظلت الأمور على ما هي عليه بالاستثناءات والاختيار العشوائي القائم على تسول المناصب ومزاجية الوزراء وتدخلات النواب ومحاباة أصحاب النفوذ فستستمر الأوضاع بالتردي والفساد في التنامي، وإن أحد واجبات الإصلاح الإداري والتنموي الملحة في الدولة هو عملية تصفية وتقييم وانتقاء القياديين، فمتى تلتفتون لهذا الشأن الحيوي؟ والله الموفق.
مقالات
طهّروا المناصب القيادية من المتسولين
27-08-2019