هل يتحول «الفدرالي» من التحكم في الفائدة إلى طباعة الأموال؟

نشر في 28-08-2019
آخر تحديث 28-08-2019 | 00:02
No Image Caption
يبدو أن إمكانات صناع السياسة لم تعد على المستوى المعهود، وأنهم فقدوا السيطرة على مجريات الأمور، وباتوا بحاجة إلى تغيير جذري في توجهات السياسة النقدية، وسيكون من الحكمة تخلي الاحتياطي الفدرالي عن نهجه المعتاد لتفادي العواقب غير المحمودة، بحسب تقرير لـ»ماركت ووتش».

ينبغي على البنك المركزي الأميركي التخلي عن استهداف سعر الفائدة والتركيز على استهداف التضخم عبر الميزانية العمومية، التي ستصبح في غضون ذلك محور قرارات السياسة، على أن تحدد أسعار الفائدة قصيرة الأجل بواسطة قوى السوق لا السياسة.

تجربة الماضي

- على غرار ما حدث في أواخر سبعينيات القرن الماضي، عندما واجه رئيس الفدرالي آنذاك بول فولكر بيئة تضخمية أضعفت الثقة في قدرة البنك المركزي على التعامل مع الاختلالات المتزايدة في الاقتصاد، يواجه الرئيس الحالي جيروم باول بييئة اقتصادية انكماشية بنفس القدرة من الصعوبة.

- إن مفتاح الخروج من انكماش أسعار الفائدة هو استهداف التضخم من خلال توسيع الميزانية العمومية للاحتياطي الفدرالي، وبمعنى آخر، طباعة المزيد من النقود، فمن شأن ذلك الإجراء الجريء منع اقتصاد الولايات المتحدة من السقوط في الهوة التي تعثرت بها أوروبا واليابان، وهي أسعار الفائدة السالبة ممتدة الأجل.

- في السبعينيات، كان الركود نتيجة ارتفاع معدل «الأجور/الأسعار» والذي أصبح مرتبطاً بشدة بتوقعات التضخم، وفي الوقت الراهن، يواجه الفدرالي والاقتصاد الأميركي سيناريو مخاطر انكماشية بنفس القوة.

- حالياً، زيادات الأجور محدودة جداً رغم قوة ونشاط سوق العمل، يضاف إلى ذلك، بيئة التخفيض المستمر في التكاليف التي تستدعي مزيداً من جهد العاملين في الوقت الذي يعانون فيه من ثبات رواتبهم، الأمر، الذي تسبب في تراجع قوى التسعير وعزز الاتجاه الانكماشي.

- واجه بول فولكر عالماً من الطلب الزائد وضعف الدولار، مما زاد من تسارع نمو أسعار المستهلكين حتى مع ارتفاع معدل البطالة، وعلى النقيض من ذلك، يواجه الفدرالي حالياً بيئة من العرض الزائد والدولار القوي الذي يعرض الاقتصاد المحلي لقوى انكماشية عالمية.

التحول الجذري كان مطلوباً

- خلال الفترة التي سبقت ثورة تصحيح، كان النهج التدريجي للفدرالي يركز على استهداف أسعار الفائدة مما ساعد على تعميق أثر التضخم في الاقتصاد، ويمكن أيضاً إلقاء اللوم فيما يتعلق بالاتجاه الانكماشي الحالي على نهج الفائدة التدريجي أيضاً، الذي فشل في بلوغ مستهدف التضخم 2 في المئة.

- مع قدوم فولكر، تخلى الاحتياطي الفدرالي عن استهداف سعر الفائدة وركز على المعروض النقدي لمكافحة الركود، ما وفر غطاءً سياسياً للسماح بارتفاع أسعار الفائدة بشكل حاد وتمكن البنك المركزي من كبح نمو عرض النقود.

- يؤيد العديد من الأكاديميين الرأي القائل بأن التضخم كان ظاهرة نقدية متأصلة سمحت لـ «فولكر» بالدفاع الجريء عن التحولات الجذرية في السياسة، والتي شملت السماح للأسواق بتحديد مستوى سعر الفائدة في حين يركز الفدرالي على المعروض النقدي.

- لكبح نمو فائض المعروض النقدي، قلل البنك المركزي من احتياطيات المصارف، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الفائدة قصيرة الأجل، وهو التحول الذي ساهم لاحقاً في كبح التضخم وتوقعاته، مع زيادة الثقة في الفدرالي وارتفاع قيمة الدولار.

ولا يزال مطلوبًا..

- هناك ما يبرر الآن حدوث تحول مماثل في السياسة، واتضحت الحاجة إلى تغيير النهج بعد متغيرات عالمية ومحلية، منها مثلاً تحول منحنى العائد إلى الشكل شبه المسطح «بغير قصد» بعد رفع الفدرالي للفائدة خلال ديسمبر الماضي، والموجة البيعية في سوق الأسهم بعد تخفيضها في يوليو.

- هذا يؤكد أن البيئة الحالية فقد فيها صناع السياسة السيطرة، وبالتالي سيكون على الفدرالي تحويل سياسته من استهداف الفائدة إلى استهداف التضخم عند 2 في المئة، لأن ذلك سيقود إلى انخفاض سريع في أسعار الفائدة قصيرة الأجل ومنحنى عائد يخفف من مخاوف السوق بشأن الركود والأوضاع الانكماشية.

- ينبغي أن يكون هدف الفدرالي الجديد هو ميزانيته العمومية، التي يُعتقد أنها بحاجة للتوسع وإعادة هيكلتها بما يتناسب مع مستهدف التضخم عند 2 في المئة، وللبدء، يجب تحديد هدف الميزانية عند مستوى الذروة المسجل في 2015 والبالغ 4.5 تريليونات دولار.

- للمساعدة في فعل ذلك، قد يكون البنك المركزي الأميركي في حاجة إلى فصل سعر الفائدة على الأموال الفدرالية تماماً عن السياسة والسماح للسوق بتحريكها.

- مثل هذه التغييرات الجذرية ضرورية إذا كانت هناك رغبة حقيقية في تجنب فخ الانكماش الذي يبدو أن أوروبا واليابان سقطتا فيه بالفعل.

back to top