شكوك في الموقف الأميركي من إيران
هناك من يشكك في جدية الموقف الأميركي من إيران، فبالرغم مما نرى ونسمع من التصريحات التي يطلقها مسؤولون إيرانيون ضد أميركا وإسرائيل أو مسؤولون من أميركا وإسرائيل ضد إيران، فإن هناك من يعتقد أن الواقع يثبت أن العلاقة بين هذه الأطراف حميمة وودية. وهناك إعلاميون عرب ظهروا في السوشيال ميديا يؤكدون وجود سفارة إيرانية في إسرائيل، وأظهروا مبنى السفارة، لكنه كان تحت مسمى جمعية الصداقة الإيرانية الإسرائيلية، ويجتمع فيه خبراء من الجانبين يخططون لتدمير الدول العربية. ومن هؤلاء من يرى أن الحرب الدائرة في المنطقة هدفها تهجير العرب السنّة من سورية واليمن والعراق ولبنان، فالهدف النهائي تفكيك مصر والسعودية بصفتهما من أكبر الدول العربية، ويتم ذلك برعاية أميركية إسرائيلية إيرانية.
قد يكون من الصعوبة تصديق مثل تلك المزاعم حتى لو اجتهد أصحابها في تقديم الأدلة والبراهين للتأكيد على صحة تلك الآراء، وقد يكون هدف من يتبنى مثل هذه الآراء تقديم النصح لأمتهم ليأخذوا الحيطة والحذر، ويرى هؤلاء أن الثورة الإيرانية هي مشروع أميركي إسرائيلي لخلق فوضى وعدم استقرار في المنطقة وسيساهم في إضعافها. ويروى أن الشاه قال للسادات لا تثق بالأميركيين، فهم من سلّم إيران لنظام الملالي، والخميني لم يكن في الأصل معارضا للشاه بل أصدر فتوى في كتاب له يحرم الخروج على الحاكم، واستدعاه صدام ليقيم في كربلاء وطلب منه كتابة منشورات تحرض على الثورة ضد نظام الشاه، وبعد أن تصالح صدام مع الشاه طرد الخميني فاتجه إلى فرنسا ومن هناك بدأت الدعاية الغربية بالترويج له كبديل لنظام الشاه. وبعد أن أسقط الشعب الإيراني بجميع طوائفه من علمانيين ويسار ورجال دين حكم الشاه، تمكن الخميني وحزبه من الانفراد بحكم إيران، ونكل بمعارضيه وقتل منهم الآلاف، وأقام حكما دينيا يستمد فكره من القرون الوسطى، حيث يتحكم رجال الدين في الدولة، وأبدل التاج بالعمامة، وأعلن عداءه لأميركا والصهيونية، وأنه سيحرر فلسطين ويدمر دولة إسرائيل. وقال السادات في إحدى خطبه إن النظام الإيراني الذي ينتقدنا لمصالحة إسرائيل لاسترجاع أرضنا معظم أسلحته تأتيه من إسرائيل، وذلك كما عرف بفضيحة إيران غيت، ليثبت أن هناك تعاونا خفيا بين نطام الملالي وإسرائيل. وفي ضوء هذا المنظور يفسر البعض التردد الأميركي في مواجهة إيران خاصة بعد إسقاط الطائرة الأميركية والاعتداءات الإيرانية المتكررة على ناقلات النفط في مياه الخليج، بوجود تعاون وتفاهم أميركي إيراني خفي، ويضربون مثلا على ذلك أن العراق لما حاول صناعة قنبلة ذرية دمر المصنع بغارات إسرائيلية مباغتة، أما إيران فستترك حتى تتمكن من صناعة القنبلة الذرية. أما عملاء إيران الذين يصفون أنفسهم بجبهة المقاومة والممانعة فيرجعون ذلك لتخوف أميركا من القوة الإيرانية القادرة على تدمير إسرائيل وإلحاق هزيمة منكرة بأميركا، وقد تكون وجهة النظر الأقرب للصحة أن أميركا دولة مؤسسات ولن تدخل حربا يذهب ضحيتها كثير من البشر لأسباب تافهة، خاصة أنها تعتقد أنها تستطيع تحقيق أهدافها بالعقوبات الاقتصادية التي فرضتها على إيران، فهدف أميركا عدم تمكين إيران من تصنيع السلاح النووي ووقف تدخلاتها العدائية لجيرانها وتعتقد أن هذا سيتحقق في العقوبات الاقتصادية.