يحاضر المخرج د. علي حسن على مدار 3 أيام في ورشة "صناعة الأفلام الوثائقية" التي تقام تحت مظلة مهرجان صيفي ثقافي بدورته الـ14، بمكتبة الكويت الوطنية، حيث يتطرق المخرج صاحب المشروعات الوثائقية المهمة إلى صناعة الفيلم ومقومات نجاحه والمعوقات التي تواجه المهتمين بهذا القالب.

"الجريدة" التقت علي حسن على هامش الورشة للحديث عن تفاصيلها والتطرق لتجربته مع الفيلم الوثائقي.

Ad

بداية، قال عن الورشة: "تأتي ورشة صناعة الأفلام الوثائقية في وقت أصبح السوق متعطشا لهذه النوعية من الأفلام، خصوصا خلال السنوات الخمس الأخيرة، وبالتحديد منذ فيلم الشهيدة أسرار القبندي "نموت وتحيا الكويت" حتى أن آخر إحصائية لوزارة الإعلام رصدت تقدم ما يقارب الـ100 فيلم وثائقي.

وأضاف: "اليوم المشاهد أصبح يستمتع بمشاهدة مادة تراثية جديدة لم يكن يعرف عنها شيئا من قبل لنقدمها له على لسان شهود عيان عاصروا الحدث"، وضرب مثلا باكتمال عدد المشاركين في الورشة خلال 24 ساعة فقط من الإعلان عنها، مما اعتبره دليلا على تعطش السوق للأفلام الوثائقية.

وتابع علي: "سوف نناقش في الورشة طريقة اختيار الموضوع والفكرة التي تستحق أن تصبح فيلما وثائقيا، وإيضاح الفارق بين الفيلم الوثائقي والروائي والتسجيلي، وكذلك تبيان أنواع الفيلم الوثائقي هناك ما يتضمن شهود عيان، وآخر يعتمد على التعليق الصوتي، بينما نوع ثالث تقوم حبكته على الوثائق فقط، أما الرابع فيتبنى شخصية واحدة هي محور الأحداث، أيضا سنتطرق إلى طريقة اختيار فريق العمل والمعد المنوط به البحث عن المعلومات وتفنيد الحقائق.

وأشار إلى ان الفئة المستهدفة من الورشة فئة الشباب المهتمين بالأفلام الوثائقية وأضاف في السياق نفسه "أصبح الفيلم الوثائقي له جمهور كبير ومثار اهتمام شريحة كبيرة من المهتمين بالسينما".

أفلام وطنية

واستطرد حول ما قدم من أفلام وثائقية خلال السنوات الأخيرة "قدمت على مدار السنوات الثلاث الماضية ما يقارب 20 فيلماً وثائقياً، أبرزها 3 أفلام وطنية "نموت وتحيا الكويت"، واعتمدت فيه على المزج بين الدراما والتوثيق، وفيلم "هنا الكويت" واستخدمت فيه التعليق الصوتي فقط لا غير، واعتمدنا على مصادر موثوقة في استقاء المعلومات، وحقق الفيلم نجاحا كبيرا، ولا أبلغ على ذلك من أن وزارة الإعلام أهدت الفيلم لجميع السفارات الكويتية، وأخيرا فيلم "فيلكا البيت العود"، ووظفت فيه للمرة الأولى الزهيرية الكويتية ضمن السياق الدرامي للأحداث، وكانت مغامرة أتت بثمارها وحقق الفيلم ردود أفعال واسعة.

ويرى المخرج المخضرم أن هناك إشكالية مهمة تواجه الفيلم الوثائقي في الكويت، وهي أن وزارة الإعلام ممثلة في تلفزيون الكويت هي الجهة الوحيدة المنوط بها استقبال هذه النوعية من الأفلام وعرضها، موضحا: "لدينا في الكويت سوق واحد فقط متمثل في تلفزيون الكويت، مما يحمل المنتج عبئا كبيرا، حيث يختار الفكرة وينتج الفيلم، ومن ثم يعرضه على الوزارة، وفي حال رأت أن الفيلم مناسب لها وفي حاجة له تشتريه من المنتج، أما إذا لم يثر اهتمامها، فإنها تعتذر للمنتج الذي لا يجد منصة بديلة لعرض الفيلم.

العوائق

وأشار حسن إلى أن غياب المنتج المهتم بالفيلم الوثائقي من العوائق التي تواجه هذه الصناعة، وقال: "أنا كمخرج أنتج أعمالي على نفقتي الخاصة من ثم أسوقها، نعم أعتبرها مغامرة، لكن شغفي بهذه النوعية من الأعمال يدفعني للإقدام على التجربة من ثم عرض النتيجة على وزارة الإعلام التي قد تقبل بشراء الفيلم أو رفض ذلك.

وحول الميزانية المرصودة للفيلم التسجيلي، أضاف علي: "تتراوح بين 5 آلاف، وتصل إلى 100 ألف، ويتوقف الأمر على طريقة التنفيذ وتوظيف الوسائط المختلفة من دراما وغيرها"، مشددا على أهمية الموسيقى التصويرية، واستطرد: "مع الأسف هناك بعض المخرجين الجدد يستعينون بموسيقى من اليوتيوب، ويوظفونها، بينما يجب أن يتم وضع موسيقى خاصة بالفيلم، لأنها تتحمل نجاح الفيلم بنسبة 60 في المئة، الموسيقى قد تكون سببا في نجاح المشروع أو فشله، لذلك يجب مراعاة جميع هذه النقاط.

أخطاء شائعة

أما عن الأخطاء الشائعة بين صناع الفيلم الوثائقي، فقال علي: "مع الأسف الخطأ الشائع عدم احترام المعلومة، هناك كثير من المعلومات صحيحة، لكن ليس كل ما يعرف يقال، لذلك قد نصادف معلومة غير قابلة للعرض نتجنبها، ولا نقع في فخ التحريف"، وشدد على أن صانع الفيلم هو رقيب نفسه، ويجب أن يملك ميزانا لمعرفة ما يقال بحيث لا يمس أمن الوطن.

وأشار حسن إلى أن مخرج الفيلم الوثائقي هو صاحب الرؤية في الكتابة، واستطرد:

"ليس هناك كاتب للفيلم الوثائقي، والمخرج هو صاحب الكلمة الأولى في صياغة السيناريو مع فريق عمله، وعلى سبيل المثال في فيلم "نموت وتحيا الكويت" أعدت كاتبة النص 11 مرة، حتى أصل إلى الصورة التي أتطلع إليها".

«فيلكا البيت العود»

يقول حسن عن فيلم "فيلكا البيت العود": "قدمت العديد من الأفلام الوثائقية عن الكويت، ولامست قضايا مهمة، بينما هناك موضوعات أخرى لم تتح لنا الفرصة، لذلك طرأت فكرة التطرق لقصة جزيرة فيلكا، لاسيما أن أغلب مواليد الثمانينيات وما فوق قد لا يعرفون أن الجزيرة كانت مأهولة بالسكان، لذلك فكرنا في أن نستعرض تاريخ فيلكا خلال الدقائق السبع الأولى من الفيلم، ومن ثم نسلط الضوء على المعاناة النفسية التي تعرض لها السكان أيام الغزو العراقي، وقد لا يعرف كثيرون أن أهل فيلكا أسقطوا طائرة، وأن القوات الغازية دخلت الجزيرة يوم 3 أغسطس، وأن المقاومة كانت مدنية وعاطفية، خصوصا عقب التهجير القسري من الجزيرة.

وأضاف: "أيضا فكرت مليّا في إضفاء لمسات جديدة على الفيلم، من خلال توظيف الزهيرات، وكنت متخوفا من الخطوة، لكن قررت خوض التجربة، واستعنت بالمطرب إبراهيم دشتي الذي كان عند حُسن الظن وسجل الزهيرات الثلاث"، لافتا إلى أن تنفيذ الفيلم استغرق عاما كاملا.

فيلم سينمائي عن أسرار القبندي

كشف حسن عن جديده قائلا: "بصدد الإعداد لفيلم سينمائي روائي كامل عن أسرار القبندي يشهد عرض وثائق لم تر النور من قبل، على أن تتم الاستعانة بممثلة جديدة سوف تظهر للمرة الأولى، ولن تكرر التجربة مجددا، ومن المقرر أن أنتج الفيلم على نفقتي الخاصة، بعدما حصلت على موافقة شقيق الشهيدة أسرار القبندي، الأخ عدنان القبندي، وذلك بعد الحصول على موافقات من الشيخ علي سالم العلي وورثة الشيخ علي صباح السالم، وإذا ما اكتمل الموضوع فسوف نسند مهمة كتابة الفيلم للقديرة أسمهان توفيق.