أبحر الأخ العزيز عبدالله بشارة بزورقه الثقافي الجديد، والمتمثل بكتابه المعنون "الغزو في الزمن العابس... الكويت قبل الغزو وبعده"... بداية أهدى السفير عبدالله كتابه إلى شهداء وشهيدات الكويت الذين بذلوا حياتهم ودماءهم ثمنا للدفاع عن أرض الكويت الطاهرة، وقاوموا المحتل منذ اللحظة الأولى. يحتوي الكتاب على ثمانية فصول يبدأ بسرد تاريخي للعلاقات الكويتية العراقية والتوتر الذي أصاب العلاقات بسبب الادعاءات العراقية حول سيادة الكويت رغم وجود اتفاقيات معترف بها من الطرفين، ولم تسلم الكويت من الاعتداء على أراضيها والتحرشات العراقية بها منذ زمن الملك غازي حاكم العراق، مرورا بجميع من تولى السلطة في العراق حتى زمن صدام القاتم الذي انتهى بغزو العراق للكويت عام 1990.
ورغم أن العراق عاش في فوضى سياسية بعد سقوط النظام الملكي، وعلى رأسه الملك فيصل وأسرته في انقلاب دموي عام 1958 على يد عبدالكريم قاسم الذي طالب بضم الكويت بعد أن استقلت عام 1961 والدور العراقي الرافض لانضمام الكويت في عضوية الجامعة العربية، فإن الكويت انضمت بعد فترة وجيزة، وتبع ذلك انضمامها للأمم المتحدة. ويعرج السفير عبدالله بشارة في كتابه على أدوار الرؤساء العراقيين بعد سقوط الملكية، ودورهم في إثارة المشاكل مع الكويت حتى جاء آخرهم، وهو صدام حسين، وقام بتصرف أهوج مخالفا المواثيق الدولية وضارباً بالقيم العربية وحسن الجوار عرض الحائط. في هذا الكتاب يبحر الأخ عبدالله ويغوص في تاريخ العلاقات الكويتية العراقية، ويفند الادعاءات العراقية حول وجود الكويت، ويذكّر بالاتفاقيات الموقعة بين البلدين والمعترف بها دوليا، والتي رسمت بقرار من الأمم المتحدة بعد تحرير الكويت عام 1991. ويتحدث عن مؤتمر جدة أثناء الغزو والتفاف الكويتيين حول الشرعية الكويتية التي ساعدت في حشد عدد أكبر من الدول للمساهمة بتحرير الكويت، ويتحدث عن دور القيادة الكويتية والدبلوماسية الكويتية التي بذلت قبل وقوع الغزو لحل المشاكل المعلقة التي يفتعلها النظام العراقي رغم مساعدة الكويت للعراق في أزماته المتكررة الناتجة عن تصرفات النظام العراقي بقيادة صدام حسين وخلق المشاكل مع جيرانه. ويبحر مرة أخرى السفير عبدالله بشارة ويشيد بالدور الذي قام به الأشقاء في الخليج وعلى رأسهم المملكة العربية السعودية، التي كان لها دور محوري في تحرير الكويت إلى جانب الأشقاء العرب الذين وقفوا مع الحق الكويتي والدور المصري أثناء القمة العربية الطارئة في القاهرة في ديسمبر 1990، ووقوف أغلبية الدول العربية مع الكويت، وعرت بعض الأنظمة التي كانت تساند الباطل. ولم يبادل العراق الكويت المودة رغم أنها مدت يد العون له، كما أن الكتاب يظهر ما دار من تطمينات من بعض قادة الدول العربية بأن صدام لن يغزو الكويت، وبعضهم كان متحالفاً مع النظام العراقي، كما تحدث عن اللقاء بين السفيرة الأميركية وصدام قبل الغزو، وما دار في مؤتمر جدة في اليوم الذي سبق الغزو بين المغفور له الشيخ سعد العبدالله الصباح ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء وعزت الدوري ممثل العراق، ورغم الجهود المضنية التي بذلها الشيخ سعد والوفد المرافق في سبيل حل الخلاف ونزع فتيل الأزمة كان الوفد العراقي يستغل الوقت في المماطلة وأفشل اللقاء وحدث الغزو. كانت الأمم المتحدة محوراً أساسياً تحدث عنه السفير عبدالله بشارة، ونقل ما دار هناك من مناقشات وحشد دولي لمناصرة الكويت، إلى جانب الزيارات التي قام بها المسؤولون الكويتيون لعدد من دول العالم، وكذلك زيارات الوفود الشعبية الكويتية لشرح الموقف الكويتي حتى تحقق النصر بإذن الله في 26 فبراير 1990. حقيقة الأمر أن من يقرأ الكتاب القيم للسفير عبدالله بشارة يجد فيه الكثير من الحقائق والمعلومات المفيدة لأن كاتبها دبلوماسي متمرس كان قريبا من متخذي القرار السياسي الكويتي، كما أن له خبرة في الأمم المتحدة، وما يدور في كواليسها من أمور، إلى جانب عمله كأول أمين عام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.
مقالات
عبدالله بشارة وزورقه الثقافي
29-08-2019