عمليات بيع قوية من جانب مديري الشركات والمطلعين في الشركات الأميركية، جاءت لتعمق الأزمة وترسم صورة قاتمة لما يمكن أن تؤول إليه الأمور في أكبر اقتصاد في العالم.

وظهرت مؤشرات أخيراً على قرب دخول الاقتصاد الأميركي في ركود طويل الأمد مع ظهور منحنى العائد المقلوب لأول مرة منذ سنوات.

Ad

يعرف منحنى العائد المقلوب على أنه ظاهرة ائتمانية تتحقق عندما يتوافر في بيئة التداول الخاصة بعقود المبادلة هبوط في مؤشرات الآجال الطويلة والمتوسطة، مقابل ارتفاع في عقود الآجل القصيرة.

كما تؤشر عمليات البيع من جانب المطلعين، التي تشبه ما كانت عليه في عام 2007، إلى تزايد الشكوك حول استدامة أطول صعود للأسهم في التاريخ الأميركي.

وقام المطلعون في الشركات الأميركية ببيع ما متوسطه 600 مليون دولار من الأسهم يومياً في أغسطس، وفقاً لـ TrimTabs Investment Research، التي تتعقب مستويات السيولة في سوق الأسهم.

وأغسطس هو الشهر الخامس على التوالي، الذي يشهد عمليات بيع قوية من جانب المطلعين لترتفع فيه مبيعاتهم خلال العام إلى 10 مليارات دولار.

وذكرت TrimTabs بحسب ما طالعت «العربية.نت» على موقع «cnn» ومواقع أجنبية متخصصة أن مبيعات المطلعين تشابه تلك التي حدثت وللمرة الأولى في عامي 2006 و2007 ، وهي الفترة التي سبقت الهبوط الكبير للأسهم.

وغالباً ما ينظر المستثمرون إلى عمليات بيع وشراء المطلعين والتي يقوم بها كبار المديرين التنفيذيين والمساهمين الرئيسيين والمديرين كمؤشر للثقة.

وعلى الرغم من أن سوق الأسهم أكبر بكثير مما كان عليه في عام 2007 ، فإن علامة الـ 10 مليارات دولار، قد لا تعني الكثير الآن كما لو حدثت في 2007، لكن تسارع المطلعين لبيع الأسهم قد يشير إلى القلق بشأن التحديات المقبلة، خصوصاً أن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين تهدد بإحداث ركود اقتصادي في أميركا.

وقال وينستون تشوا المحلل في TrimTabs: «هذا يشير إلى انعدام الثقة، عندما يبيع المطلعون فهذه علامة على اعتقادهم أن التقييمات مرتفعة وأن الوقت مناسب للتواجد خارج السوق».

وأثارت مخاوف الركود موجة من التقلبات في سوق الأسهم خلال العام الماضي، تتخللها أسوأ أداء شهري في ديسمبر منذ الكساد العظيم.

وعلى الرغم من أن مؤشر «S&P 500» ظل مرتفعاً بنسبة 14 في المئة في 2019 ، لكن الأسواق تراجعت في أغسطس مع تصاعد الحرب التجارية.

غالباً ما يعتبر البيع المكثف من المطلعين إشارة تشاؤم عن شركة معينة نظراً إلى أنه من المفترض أن يكون لدى التنفيذيين فكرة أفضل عن اتجاه السهم من المستثمر العادي، والأصل أنه إذا ظنوا أن السهم كان في اتجاه صاعد فلن يبيعوا ما بحوزتهم مقابل نقود ربما تتضاعف خلال وقت قريب.

لكن نيكولاس كولاس، الشريك المؤسس لـ DataTrek Research، أشار إلى أن عمليات بيع المطلعين ليست دائماً مؤشراً مفيداً ودقيقاً.

وقال إنه بدلاً من تفسيره على أنه تعبير عن انعدام الثقة، إلا أنه قد يعوض المطلعين عن شيء ما.

وقال كولاس: «يتقاضى معظم المديرين مكافأة مع ارتفاع الأرباح. إذا توقعوا أن تكون المكافآت منخفضة، فسيبيعون الأسهم لتعويض الفجوة... إنها علامة أخرى على أن الإدارات تدرك أن هذا العام سيكون صعباً من ناحية نمو الأرباح».

كما يمكن لمديرين تنفيذيين بيع الأسهم لتنويع ممتلكاتهم أو لجمع الأموال لدفع الضرائب. أو حتى لدفع المساهمين في اتجاه معين.

ومع ذلك، يوضح تقرير TrimTabs أن المطلعين يبيعون أكثر مما كانوا يبيعون في أي وقت آخر خلال فترات صعود السوق منذ مارس 2009.

من جانبه، قال وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوتشين، إن الولايات المتحدة لا تنوي التدخل في أسواق العملات في الوقت الحاضر، وفق وكالة «بلومبرغ».

وأوضح منوتشين أن الوضع قد يتغير في المستقبل، لكن حتى الآن فإن الخزانة لا تفكر في أي تدخل.

وقال منوتشين، إنه يعتقد بأن الأمر سيكون أكثر فعالية إذا تدخلت الخزانة الأميركية في تنسيق مع كل من مجلس الاحتياطي الاتحادي وحلفاء الولايات المتحدة.

إصدار سندات لآجال طويلة جداً

من جهة أخرى، أعلن منوتشين أن احتمال إصدار سندات أميركية لآجال طويلة جداً أمر «قيد دراسة جدية للغاية» من جانب إدارة الرئيس دونالد ترامب.

وفي مقابلة مع بلومبرغ، قال منوتشين: «إذا كانت الظروف مناسبة، عندئذ أتوقع أننا سنستغل الاقتراض الطويل الأجل وننجز ذلك».

وهبطت عوائد سندات الخزانة الأميركية الأربعاء وسجلت عوائد السندات لأجل 30 عاماً أدنى مستوياتها على الإطلاق، بينما أذكت مخاوف من ركود محتمل والتوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة طلباً قوياً على الدين الحكومي المنخفض المخاطر.

ويزداد انقلاب منحنى العائد الأميركي، الذي فيه تكون عوائد السندات القصيرة الأجل أعلى من السندات الطويلة الأجل، مما يثير أيضاً قلق المستثمرين لأن انقلاب منحنى العائد غالباً ما يسبق ركوداً.

وعمد المستثمرون أيضاً إلى زيادة حيازاتهم للاستثمار الآمن من سندات الخزانة مع سعي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون إلى تقييد فرصة البرلمان لعرقلة خطته للخروج من الاتحاد الأوروبي بتعليق انعقاد مجلس العموم حوالي شهر، بدءاً من منتصف سبتمبر.

وارتدت أسعار سندات الخزانة عن مكاسبها مع صعود بورصة وول ستريت بعد تعافيها من خسائرها الأولية.

وبلغت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عاماً أواخر التعاملات الأربعاء 1.939 في المئة، منخفضة 2.2 نقطة أساس عن مستوياتها في أواخر التعاملات يوم الثلاثاء. وفي وقت سابق اليوم سجلت أدنى مستوى على الإطلاق عند 1.905 في المئة.

وعوائد السندات لأجل 30 عاماً أقل من عوائد أذون الخزانة لأجل ثلاثة أشهر، وهو ما لم يحدث منذ عام 2007.

وبالنسبة لبقية منحنى العائد، اتسعت الفارق بين عوائد أذون الخزانة لأجل ثلاثة أشهر عن عوائد السندات لأجل عشرة أعوام إلى ما يصل إلى 55 نقطة أساس، وهو مستوى لم تشهده منذ مارس 2007.

وزادت علاوة عوائد السندات لأجل عامين عن عوائد السندات لأجل عشر سنوات إلى ما يصل إلى 6.5 نقاط أساس، وفقاً لبيانات رفينيتيف وتريدويب.

وارتفعت مؤشرات الأسهم الأميركية خلال تداولات، أمس الأول، بدعم من قطاع الطاقة، الذي انتعش تزامناً مع ارتفاع أسعار النفط، رغم مزيد من الانقلاب في منحنى العائد على السندات.

وصعد «داو جونز» الصناعي بنسبة 1 في المئة أو 258 نقطة إلى 26036 نقطة، كما ارتفع «ناسداك» بنسبة 0.3 في المئة أو 30 نقطة إلى 7857 نقطة، في حين ارتفع «S&P 500» بنسبة 0.6 في المئة أو 18 نقطة إلى 2888 نقطة.

وسجل العائد على سندات الخزانة الأميركية مستوى 1.472 في المئة، بينما سجل العائد على سندات الخزانة لأجل عامين مستوى 1.512 في المئة.

وفي الأسواق الأوروبية، انخفض مؤشر «ستوكس يوروب 600» بنسبة 0.20 في المئة أو نقطة واحدة إلى 373 نقطة.

وارتفع مؤشر «فوتسي» البريطاني (+ 25) نقطة إلى 7114 نقطة، وتراجع مؤشر «داكس» الألماني (- 29) نقطة إلى 11701 نقطة، وهبط المؤشر الفرنسي «كاك» (- 18) نقطة إلى 5369 نقطة.

وفي آسيا، تباين أداء الأسهم اليابانية أمس، مع ارتفاع الين، وسط مخاوف بشأن الاقتصاد الأميركي بعدما شهد منحنى عائد السندات المزيد من الانقلاب، ومع ترقب الوضوح بشأن الخطوة المقبلة المحتملة في المفاوضات التجارية بين واشنطن وبكين.

وأغلق مؤشر «نيكي» التداولات على تراجع هامشي 0.1 في المئة عند 20460 نقطة، واستقر المؤشر الأوسع نطاقاً «توبكس» عند 1490 نقطة.

وارتفعت العملة اليابانية 0.2 في المئة أمام نظيرتها الأميركية عند 105.91 ين.

أيضاً، تراجعت الأسهم الصينية هامشياً مع استمرار ترقب المستثمرين لأي تطورات بشأن الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين.

وعند الإغلاق، انخفض مؤشر «شنغهاي المركب» بنسبة طفيفة 0.12 في المئة عند 2890 نقطة، كما تراجع «شنتشن المركب» 0.17 في المئة إلى 1591 نقطة.

وارتفعت العملة الصينية هامشياً 0.15 في المئة عند 7.1545 يوان مقابل نظيرتها الأميركية، بعدما تراجعت لفترة وجيزة إلى أدنى مستوياتها في أكثر من 11 عاماً ونصف العام.

وحدد البنك المركزي الصيني السعر المرجعي للعملة المحلية أمس عند 7.0858 يوان، ليضع بذلك المعدل عند مستوى أعلى من المتوقع لليوم السابع على التوالي.