تناولت رواية «مسك التل» للكاتبة سحر الموجي، التي ناقشتها ندوة بالقاهرة، مصير ثلاثة من أشهر النساء في عالم الأدب، وهن: الست أمينة بطلة ثلاثية نجيب محفوظ وكاثرين بطلة رواية مرتفعات وذرينج لإميل برونتي، ومريم للأديبة الأميركية فيرجينيا وولف، إذ غيرت الأديبة مصائرهن وتجربتهن اللاتي خضنها في سيرتهن الأولى المكرسة في عقول القراء.

Ad

أزمنة مختلفة

وقالت الموجي إن روايتها ليست محاكاة لسير البطلات الثلاث، واصفة إعادة تقديم عدد من الشخصيات الروائية في الأعمال الكلاسيكية، باللعبة الروائية.

وأضافت أن كتابة هذه الرواية، التي صدرت منذ عامين، استغرقت أكثر من خمس سنوات، وأن شخصيات أمينة وكاثرين ومريم حيرتها كثيرا، «وخضت تجربة صعبة في الكتابة عنهن، والصعوبة كانت في كيفية إعادة شخصيات روائية قديمة إلى الحياة مرة أخرى، فبطلات الروايات الثلاثة عشن في أزمنة مختلفة، حيث عاشت كاثرين في القرن الـ19، وأمينة في القرن الـ20، والطبيبة النفسية مريم في القرن الـ21، وهي المعضلة وجدت حلها في بيت السيرينت».

«بيت السيرينت»

يشهد بيت «السيرينت» هذا لقاء البطلات، ومما جاء عنه في الرواية: «نظرت أمينة إلى كاثرين في ذهول: وإيه السيرنيت ده كمان؟ ابتسمت كاثرين، وقالت إن السرينتات نساء، نساء يا أمينة، وسرعان ما تجهمت وهي تؤكد أن على أمينة أن تحذر منهن. نعم.. إياك والإنصات إلى أي أغانٍ قد تسمعينها في هواء منتصف النهار أو في ليالي المحاق! لم تفهم أمينة شيئاً مما تقوله كاثرين. كانت الأرض تميد بها، ما هذا المكان؟ من الذي أتى بكل هؤلاء النساء هنا؟ ما هذا الخرف الذي تحكيه كاثرين؟ هل يمكن يا أمينة أن يكون هذا البيت غير حقيقي! أو ربما أن كل هؤلاء ليسوا إلا أشباحا تهيم على وجوهها في الخلاء! هل هي وكاثرين ولوسي وأوفيليا وكل الأخريات مجرد حكايات! ماذا يحدث لو أنك في حياتك العادية، وجدت نفسك تخطو إلى عالم مختلف؟ ماذا يحدث لو سقطت بضعة حيطان فتجاوزت الأزمنة؟ متى يبطئ الزمن ومتى تتصاعد سرعته؟ ومتى يقرر أن يلملم أشياءه ويرحل؟ هل هناك موت؟ كيف نخلق لأنفسنا إيمانا جديرا بالحياة؟».

حياة أخرى

وفي رواية «مسك التل» تغير عالم الست «أمينة»، وأصبحت مترجمة، متمردة على أسلوب حياتها السابقة، متمسكة بالفرصة التي منحت لها لتحيا حياة أخرى، تعيش فيها برضا تؤمن بالأشياء القدرية، وكذلك تغير عالم «كاثرين» وتخلق لنفسها عالما آخر بعدما تلتقى بيوسف، وتساعده على الخروج من القاعة المعزولة ليتحدى الحياة، بعدما عاش فيها طويلًا خائفًا، ليحمي نفسه من الآلام، مما تسبب في تعطيل حياته، أما «مريم» الطبيبة النفسية التي تعاني الاكتئاب والعزلة وعدم الرغبة في الحياة، فتلتقي بأمينة وكاثرين، اللتين تساعدانها على الخروج من معاناتها.

«أنا مين؟»

من أقوال أمينة فى الرواية: «في بين القصرين، عمري ما سألت نفسي أنا مين. كنت مرات أحمد عبدالجواد وأم خديجة وعيشة وفهمي وكمال وياسين، يمكن المرة الوحيدة في حياتي اللي مابقيتش عارفة أنا مين كانت لما اتطردت من البيت بعد زيارة سيدنا الحسين».

وعن كاثرين عندما عادت إلى غرفتها وإلى إدجار الذي يجلس بجانبها بجسده ووجهه الأرستقراطي الناعم تحوطه هالة الشعر الأشقر، تقول: «كانت عيناه حزينتين. لمَ يبدو عليه أنه جالس في جنازتي هكذا؟ عجيب أمر هذا الرجل. أنا لم أمت بعد أيها الأبله وأحست برأسها ينصهر بحرارة الحمى».

أما مريم، فقررت استبدال واقعها المؤلم، وخلقت لنفسها عالماً بديلا يتفق مع ميولها وكيانها الذي كاد أن يتهاوى بفعل التجارب المؤلمة التي عاشتها.

إصدارات وجوائز

تعمل سحر الموجي أستاذة للشعر الإنكليزي والأميركي بكلية الآداب جامعة القاهرة، وصدر لها العديد من الأعمال القصصية والروائية منها: سيدة المنام، آلهة صغيرة، مجموعات قصصية، ومن رواياتها «دارية» و«نون» و«مسك التل».

وأسست الموجي سنة 2009، مع مجموعة من الكاتبات والأكاديميات والفنانات ورشة كتابة نسوية اسمها «مجموعة أنا الحكاية» تهتم بتغيير صورة المرأة السائدة في الحكايات والإعلام. وحازت الموجي عام 2007، الجائزة العالمية للشاعر اليوناني الشهير كفافيس عن رواية «نون»، وجائزة «أندية الفتيات بالشارقة» عن رواية «دارية»، 1999، كما فازت عن روايتها «مسك التل» 2017، بجائزة ساويرس الثقافية، فرع كبار الأدباء.