حكومة الإشاعات
الحمد لله على سلامة صاحب السمو وعودة ظهوره الرسمي ليضفي روح الاطمئنان والارتياح لدى المواطنين، ويضع حداً لحالة الارتباك التي مر بها البلد في ظل الإشاعات واختلاق الأخبار، وإن لم تكن التخريجة السياسية موفقة في التعاطي مع مثل هذا الحدث، ولا تليق بمستوى رمز الدولة وقائدها وصمام أمانها، إذ يؤكد ذلك فشل الحكومة على كل الصعد وصولاً إلى التعامل مع الأحداث الكبيرة والمهمة. إن ما شهدته الكويت، وكان لها تبعاتها النفسية والسياسية بالإضافة إلى أصدائها الخارجية نتيجة طبيعية للسياسة الحكومية المتواضعة وغياب الشفافية عن أجندتها، الأمر الذي يشجع الإشاعات، وغالباً ما يكون منبعها أطرافا مقربة لها سواءً من شخصيات نافذة أو جهات ذات مصالح ضيقة وانتهازية.
فثقافة الإشاعة باتت الشغل الشاغل للكثير من الناس وعززتها وسائل التواصل الاجتماعي وسرعة تداولها وبساطة الإنسان الكويتي الذي يصدق كل خبر أو تعليق، وما البيان المتأخر لوزارة الداخلية وما أورده عن الأخبار الكاذبة في شتى القضايا والمواضيع المحلية على مدى الشهور القليلة الماضية إلا صورة واقعية عن الحالة التي تعيشها الكويت، وترك الحبل على الغارب لإلهاء الناس أو تخويفهم للتغطية على أمهات المشاكل أو صرف الأنظار عن قضايا كبرى من الفساد والمؤامرات على ثروة البلد، ومن البدهي أن ترتقي مثل هذه الثقافة والسلوك اليومي لأعلى المراتب، وإن بلغت مع كامل الأسف صحة وسلامة أمير البلاد حفظه الله ورعاه.صاحب السمو الأمير بشر قد يتعرض لعوارض صحية أو ظروف خاصة تستوجب الراحة والغياب عن أداء أعماله، الأمر الذي كفل الدستور ومؤسسات الدولة الاستمرار فيها بسلاسة ووفق السلامة القانونية بما يضمن مصالح الدولة، ويبقى أن يكون التعامل مع هذه الظروف الاستثنائية والمؤقتة بقدر لائق من الشفافية، وكان حريا بالحكومة ممثلة بالناطق الرسمي المفقود أصلاً وبوزير الصحة عقد مؤتمر صحافي يشرح الحالة الصحية لسمو الأمير، وما تعرض له من عارض، والخطوات العلاجية المتخذة في هذا الشأن وفترة الراحة التي يحتاجها، في مشهد يعزز الروح الوطنية ويعتبر الشعب جزءا أصيلا من مكونات الدولة، ليقوم بدوره بممارسة دوره بمسؤولية وإيجابية.أما ما شهدناه من معلومات مسربة وأخبار ملفقة استمرت عدة أيام خلقت حالة من القلق والارتباك، أعقبها اجتهادات بعض الشخصيات سواءً من أبناء الأسرة أو غيرهم للرد على تلك الإشاعات وعبر وسائل التواصل الاجتماعي أيضاً لطمأنة الناس، فكان يدعو للأسى والخجل أمام الصمت الحكومي الرسمي المريب، الذي اضطر أن ينتفض فجأة، فبدأت تتوالى تصريحات لبعض الوزراء بشكل عشوائي في منظر يثير الشفقة ولا يمثل أدنى مصداقية، ولذا اضطرت إلى التخريجة الإعلامية لظهور سمو الأمير رسمياً، وكان واضحاً استمرار حاجة سموه للراحة واستكماله العلاج، نعم طمأننا ذلك على سمو الأمير، ولكن بيّن صفحة أخرى من صفحات الفضائح الحكومية التي لم تعد تخجل حتى مع التعاطي مع رمز الدولة وقائدها، فلمن المشتكى بعد كل هذا؟!