الطفلة درة الحرز والمواطن محمد المشاري والطفل نواف الرشيدي في أقل من عام دفع هؤلاء الأبرياء حياتهم ثمن الأخطاء الطبية التي أصبحت ظاهرة في الكويت في السنوات الأخيرة، وكان كل ذنبهم الذي اقترفوه أنهم لجؤوا إلى مستشفيات وزارة الصحة لتلقي العلاج فخرجوا منها جثثا هامدة، وهذه هي الحالات التي تحدث عنها الإعلام، وظهرت للنور، وكما يقولون ما خفي كان أعظم، فالمستشفيات والمراكز الصحية تكتظ بالأخطاء الطبية القاتلة التي تواجه من قبل مسؤولي وزارة الصحة بتصريحات وردية مثل صحة المواطن خط أحمر، وأن حادث الوفاة لن يمر مرور الكرام، وأنه سيتم الكشف عن المتورطين ومحاسبتهم، ويسارع وزير الصحة مع كل حادث لخطأ طبي إلى تشكيل لجنة تحقيق لا نعرف نتائجها، وإن عرفنا لا نسمع عن معاقبة أحد، كما يقتصر دور نواب مجلس الأمة في مثل هذه الحوادث على التهديد والوعيد، ثم ينسون كلامهم ولا يتذكرون ما قالوه إلا مع وقوع حادث جديد يحصد روح مواطن أو مواطنة.لقد باتت الأخطاء الطبية التي تقتل الأبرياء تشكل هاجساً كبيراً، وأصبح الكثيرون يخشون الذهاب إلى مستشفيات وزارة الصحة خوفاً من الموت على أيدي أطباء مهملين وغير مؤهلين، وهناك أرقام مخيفة لحوادث الأخطاء الطبية، حيث ذكر مدير إدارة الطب الشرعي في الإدارة العامة للأدلة الجنائية د. أسعد مهدي أن الإدارة تنظر نحو 450 قضية خطأ طبي شهرياً، وأن معدل تلك القضايا ارتفع 900% خلال 13 عاماً.
وفي الحقيقة علينا أن نواجه أنفسنا بالواقع المرير للقطاع الصحي الذي اقتصر تطويره على إنشاء مبان جديدة واستيراد أحدث الأجهزة والمعدات الطبية في الوقت الذي تم فيه إهمال العنصر البشري، فبسبب النقص الكبير في الكوادر الطبية الذي تعانيه المستشفيات والمراكز الصحية أجبرت الوزارة على استقدام أطباء من الخارج غير مؤهلين وليسوا بالكفاءة المطلوبة، فالطبيب الناجح و"الشاطر" لا يترك بلده إلا إذا كان العائد المادي أضعاف ما يتقاضاه، وفي الحقيقة فإن رواتب الأطباء الوافدين في الكويت غير مغرية، ولا تجذب سوى العاطلين والفاشلين وأطباء الدرجة الثالثة والرابعة، وما دونهم فضلاً عن أن بعض الأطباء القادمين لعلاجنا يتم تعيينهم بلا تدقيق على أوراقهم ومستندات توظيفهم، وهناك عدد لا بأس به منهم حاصل على شهادات طبية من جامعات ضعيفة، وبعضهم لا يحملون شهادات متخصصة كما حدث مع الطبيب الذي عمل نحو 6 أشهر في المستشفى الأميري بقسم الطوارئ رغم أنه حاصل على شهادة الدبلوم، كذلك فإن عددا كبيرا من الأطباء الذين تتعاقد معهم وزارة الصحة بلا خبرة وحديثي التخرج كالطبيب الفلسطيني المتهم بقتل الطفل نواف الرشيدي بجرعة بنج زائدة، حيث إن عمره ٣٢ عاماً ولم يصقل بالخبرات والمهارات المطلوبة التي يجب أن تكون أحد الشروط المهمة عند التعاقد مع أطباء من الخارج.أيها المسؤولون الأجلاء في وزارة الصحة لقد آن الأوان لمعالجة ملف الأخطاء الطبية، وألا يتم إغلاقه كما عهدنا بعد كل حادثة دون إجراءات رادعة وعقوبات تضمن عدم تكرار هذه الأخطاء القاتلة التي تمثل جرائم كاملة الأركان، يتم التعامل معها في الدول المتقدمة باهتمام بالغ، ويتم الكشف عن المتورطين فيها وفضحهم ومحاسبتهم بأشد العقوبات، وعلى نواب مجلس الأمة أن يكفوا عن التصريحات ويعملوا على تطوير التشريعات الطبية في الكويت التي تحوي العديد من أوجه القصور، وتعاني عدم التنظيم، فيما يتعلق بالمسؤولية الطبية، وأن تكون هناك عقوبات واضحة ورادعة لمن يستهين بالكويتيين ويزهق أرواحهم فهي غالية وليست رخيصة.
مقالات - اضافات
أولاً وأخيراً: البشر قبل الحجر يا وزير الصحة
30-08-2019