ثلاث ركائز للصمود في فلسطين
لا شك أن أهداف نتنياهو وحكام إسرائيل، كانت وما زالت الاستيلاء على الأرض وتهجير أصحابها الشرعيين، ولا خلاف على أن المسعى الحقيقي لنظام الاحتلال والأبارتهايد الإسرائيلي لا يقتصر على ضم وتهويد الضفة الغربية، بل يمتد إلى محاولة تهجير أكبر عدد من الفلسطينيين، سواء من سكانها أو من سكان قطاع غزة، بما في ذلك محاولة تفريغ القدس من أهلها.وهذا هو التفسير لمحاولات نتنياهو إيجاد دول تقبل بهجرة سكان قطاع غزة إليها، بل وصلت أحلامه إلى بناء مطار خاص في النقب لتسريع هذه الهجرة.ويعرف المخططون الصهاينة، أن نظام الأبارتهايد العنصري أصبح اللعنة التي تلاحق اسم إسرائيل في كل مكان، كما يدركون أن العامل الديمغرافي ومضمونه أن عدد الفلسطينيين اليوم أكبر من عدد اليهود الإسرائيليين على أرض فلسطين التاريخية، سيؤدي إلى نتيجة واحدة، في حال نجاحهم في قتل فرص قيام دولة فلسطينية مستقلة، وهو قيام دولة واحدة ديمقراطية، يتساوى فيها الناس في الحقوق القومية والمدنية، ولن تكون يهودية كما يريدون، وسبب ذلك بسيط: الفلسطينيون لن يرضخوا أبدا لنظام العبودية والاحتلال والأبارتهايد، وبالتالي فإن هم نتنياهو الرئيس ينصب على كيفية كسر العامل الديمغرافي بتهجير الفلسطينيين.
ومعنى ذلك فلسطينيا أن تعزيز صمود الفلسطينيين، وبقائهم سواء في أراضي 1948، أو في القدس وباقي الضفة الغربية، أو في قطاع غزة، هو المهمة الوطنية والإنسانية الأولى، ولتحقيق هذا الصمود يحتاج الفلسطينيون إلى عناصر عديدة أولها الوعي بحقيقة المخطط الصهيوني، وثانيها إنهاء انقساماتهم وتوحيد صفوفهم حول استراتيجية موحدة، وثالثها توفير المقومات الاقتصادية والاجتماعية لبقاء الناس وصمودهم.هناك ثلاث ركائز أساسية لتحقيق ذلك، الأولى توفير خدمات صحية نوعية وشاملة، والثانية توفير تعليم مدرسي وجامعي نوعي ومتاح للجميع، والثالثة مكافحة البطالة المستفحلة بين الشباب، وخاصة خريجي الجامعات. يصرف الفلسطينيون ما لا يقل عن 284 دولارا للفرد سنويا على الخدمات الصحية، ولكن 40% منها على الأقل تأتي من جيوب المواطنين، ومازال جمهور كبير محروما من التغطية الصحية الشمولية، ومازالوا يفتقدون للخدمات الصحية النوعية ولذلك يواصلون التطلع إلى تحويلات خارجية تلبي احتياجاتهم مع أنها تستغل، خاصة من قبل المشافي الإسرائيلية لاستنزاف الموارد الفلسطينية. ومع بداية كل عام دراسي، يعاني أهالي الطلبة من أزمات الأقساط، وتلبية احتياجات أبنائهم وبناتهم في المدارس، ويلاحظ الجميع خطورة تدهور مستوى التعليم المدرسي والجامعي، وتصل نسبة البطالة إلى 52% من القوة العاملة في قطاع غزة وهي الأعلى في العالم، ولا تقل نسبة البطالة عن 78% من خريجي جامعات غزة وأكثر من 40% من خريجي جامعات الضفة الغربية.الصحة النوعية تعني تأمينا صحيا شاملا لكل الناس ومساهمة عادلة حسب الدخل في نفقات التأمين الصحي، وإعادة توزيع للموازنة الفلسطينية بإعطاء الأولوية للصحة، والتعليم، والزراعة، ومكافحة البطالة. والتعليم اللائق يعني تطبيق ما نفذته كل دول العالم المتحضر، بإقرار وإصدار قانون الصندوق الوطني للتعليم العالي الذي سيحرر الأهالي والطلبة من عبء الأقساط حتى يتخرج أبناؤهم ويبدؤون بالعمل، وهو ما سيوفر دخلا ثابتا للجامعات يرفع مستوى التعليم، ورواتب المعلمين، ويخصص موارد جدية لتطوير البحث العلمي.والتركيز على المشاريع الإنتاجية والاستثمار فيها، بدل القروض الاستهلاكية التي أصبحت كابوسا يرهق معظم الناس، هو السبيل لإنعاش مشاريع اقتصادية عصرية، وتشجيع مبادرات إنتاجية شبابية لمكافحة البطالة.الصحة النوعية والشمولية للجميع، والتعليم النوعي المتوافر للجميع، ومكافحة البطالة، هي ركائز الصمود الوطني وسلاحنا لإفشال مخطط التهجير الصهيوني.* الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية