رياح وأوتاد: تدخلات خطيرة في الشأن والقضاء الكويتيين
يلجأ أحياناً بعض المطالبين بتغيير قوانين كويتية معينة أو المعارضين لأوضاع اجتماعية أو سياسية محلية إلى الاتصال بجهات خارجية لتحقيق أهدافهم. فكثيراً ما تم الاتصال بمنظمات حقوق الإنسان لتكتب ما من شأنه تشويه سمعة الكويت في معاملة البدون أو المرأة وحتى في أمور من صميم الشريعة الإسلامية الغراء مثل أحكام الزواج والطلاق، خصوصا فيما يتعلق بتعدد الزوجات وولاية الأب وتجريم فعل قوم لوط وتصويرها بالجرائم المقرة في القانون الكويتي ويجب تغييرها. وفي بداية التسعينيات تشكل وفد من الناشطين لزيارة الولايات المتحدة لتقوم بالضغط لتغيير قانون انتخاب وترشيح النساء، وشبهوا الكويت بأفغانستان في معاملتها للمرأة. وبعد ظهور الإرهاب وأحداث الحادي عشر من سبتمبر شنت أقلام محلية معينة الهجوم على العمل الخيري وربطته بالإرهاب في محاولة لاستعداء دوائر الدول الكبرى على العمل الخيري الإسلامي الكويتي الذي نافس وأقض مضجع العمل الخيري التنصيري، وأثمر هذا التحريض عن وفود من وزارة الخزانة الأميركية تزور البلاد سنوياً لفحص سجلات وتبرعات الجمعيات الخيرية الكويتية والاطلاع على أعمالها، وبحمد الله لم تجد هذه الوفود ما يدين هذه الجمعيات منذ كنت وزيراً للأوقاف والعدل حتى الآن.
ومنذ سنوات قليلة بدأ عضو مجلس الأمة السابق عبدالحميد دشتي في الشكوى ضد الكويت في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في سويسرا، وسار على خطاه رئيس إحدى جمعيات النفع العام المهتمة بالحريات وغيره أيضاً، وتم تصوير القوانين الكويتية التي صدرت بإرادة صحيحة من مجلس الأمة بأنها قوانين قمعية، وأن من سجنوا بأحكام قضائية باتة معتقلون، وتم وصف الموجودين خارج الكويت بأنهم مبعدون ومنفيون، وقام آخرون بالاتصال بمركز الخيام المعروف بعلاقته بحزب الله اللبناني، وكل ذلك من أجل استثارة الرأي العام الأممي ضد الكويت وتشويه حقيقتها بإصدار تقارير سيئة من المنظمات التي لا شأن لها ولا علم بالقوانين الكويتية، ولا بالشريعة الإسلامية التي نص الدستور على أنها مصدر رئيس للتشريع. ولو أحبوا الكويت حقاً لما رضوا بالإساءة إليها وتشويه سمعتها كما قال الشاعر: بلادي وإن جارت عليّ عزيزة وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام أما الطامة الكبرى فهي ما نشر منذ أيام عن قيام ثلاثة من رجال الكونغرس الأميركي بتقديم طلب لمحاكمة بعض المسؤولين في الحكومة الكويتية وديوان المحاسبة والنيابة العامة وبعض رجال القضاء، ومعاقبتهم وفق قانون ماغنيتسكي في أميركا.هذا الطلب تم بناء على شكوى تقدمت بها شركة كويتية معروفة إلى وزارة الخزانة الأميركية، كما قام ابن الرئيس الأميركي بوش بحملة مشابهة، علماً أن هذه الشركة تخضع للمحاكمة حالياً في الكويت بتهمة الاستيلاء على الملايين من المال العام. ولا شك أن طرح هذا الموضوع في وزارة الخزانة والكونغرس الأميركي يهدف إلى الضغط على الكويت ويشكل تدخلاً سافراً في القضاء الكويتي وإخلالاً باستقلاله.لذلك على الحكومة الكويتية ومجلس الأمة والديوان الوطني لحقوق الإنسان أن يتمسكوا باستقلال الكويت التام بدينها وتشريعاتها وقضائها وقراراتها وإجراءاتها وألا يسمحوا بأي تدخل من أي طرف كان، وعليهم أن يعلموا أن مداهنة الدول الكبرى ومنظماتها المتشدقة بالإنسانية الكاذبة لن تقف عند حد، وأننا مهما تنازلنا واعتذرنا واستجبنا لهم ولثقافتهم وقوانينهم فسيطمعون في المزيد من استغلالنا وثرواتنا، وتغيير ديننا، كما قال تعالى: "وَلَن تَرْضَىٰ عَنكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ".