فوز حمزة: قصائد ضاعت منّي ولا أتذكر عنها شيئاً

تصدر قريباً مجموعتها «في ذمة الزمن القادم»

نشر في 03-09-2019
آخر تحديث 03-09-2019 | 00:00
تعكف الأديبة فوز حمزة الكلابي على كتابة مجموعة قصصية جديدة بعنوان «في ذمة الزمن القادم»، تؤكد من خلالها المضي قدماً في ترجمة الأحلام إلى واقع.
وتكشف في حوارها لـ «الجريدة»، أن العنوان لا يعني تأجيل تنفيذ الطموحات والمشروعات، بل الإصرار على تحقيقها.
وتأتي المجموعة الجديدة بعد مجموعتها «بعيداً عن الضفة»، التي فازت بالمركز الأول في مهرجان همسة الدولي بالقاهرة العام الماضي، وصدر لها من قبل مجموعتاها «الوشاح الأحمر و«مذكرات زوجة ميتة».
وإلى نص الحوار:
• دلفت إلى العالم الأدبي عبر القصة، فماذا عن هذه البداية، أم لك محاولات في مجالات أخرى؟

- كتبت الشعر وأنا صغيرة، قصائد ضاعت مني ولا أتذكر عنها أي شيء، لكن بداياتي الحقيقية كانت من خلال القصة القصيرة، وجدت نفسي فيها، ووجدتها متآلفة في وجداني، ربما لأنني نشأت في زمن الحروب في بلدي العراق والقصص المترتبة على ذلك، وأنا أرى أن القصص القصيرة هي نوافذ صغيرة تطل على عالم كبير مليء بالمفارقات والتناقضات، وتحتاج إلى مَن له القدرة على إعادة تشكيل تلك المفارقات والتناقضات، وإيجاد الخيوط الرفيعة التي تربطها لينسج منها ثوباً جديداً له ألوان مختلفة، فيقدّمها بشكل فني يحمل دلالات وإشارات معيّنة حاملة معها خصائص وسمات الزمن الذي كُتبت فيه.

بيئات متنوعة

• لا نجد أثرا للمكان في أعمالك، فكيف تشكّل وعيك الأدبي؟

- أنا لا أؤمن بالمكان أو البيئة في تشكيل الكاتب إن لم تكن ثمة بذرة قابعة في تكوين ووجدان ذلك الكاتب، تلك البذرة التي تحمل بداخلها كل عوامل الانقسام والانشطار والنمو والتجدد، وهنا يأتي دور المكان والبيئة في تحديد ثمار هذه البذرة وطعهما وجودتها، فالبذرة التي في داخلي كانت بوصلتي التي أرشدتني إلى عالم الكتب الفسيح الممتع، وأنا لم أزل طفلة في العاشرة متعطشة للقراءة التي كانت منهلي الصافي العذب، والتي بعدها سقت كل حقولي لتثمر وتزهر.

ولأنني بدأت الكتابة في سنّ ناضجة، بعد أن عشت في عدة بيئات متنوعة شرقية وغريبة، جاءت كتاباتي لتحمل ذلك الطابع، فالكاتب في رأيي لا يتوقف تأثير المكان عنده في سنّ معيّنة، بل هو أرض خصبة يعاد حرثها وزرعها كل موسم.

• ماذا عن مجموعتك «بعيدا عن الضفة» وما ظروف إصدارها؟

- بعيداً عن الضفة هي مجموعتي القصصية الثالثة بعد الوشاح الأحمر، وبعد مذكرات زوجة ميتة، استغرقت في كتابة المجموعة التي تضم واحدا وخمسين قصة قصيرة عامين كاملين، ما بين كتابة وتنقيح وتدقيق، وفي هذه المجموعة توخيت الحذر والتأني لتجنّب الأخطاء التي وقعت فيها عند إصدار المجموعات السابقة.

• قاصة وتؤمنين بأن الفن وحدة واحدة، هل من فروق نوعية بين الأنواع الأخرى؟

- الشيء الذي يجمع الأجناس الأدبية هو اللغة، أي الأبجدية، لكن الاختلافات كبيرة وعميقة في طرق التعبير عن كل جنس من هذه الأجناس، فلغة القصة الواقعية تختلف عن لغة القصيدة المحلّقة خارج المكان والزمان، وعن لغة الرواية الغارقة في التفاصيل الدقيقة، بل تختلف اللغة الواحدة في التعبير عن قصة تكتب عن الحرب عن أخرى تكتب عن الحب، وهذا الشيء ينطبق على كل الأجناس الأخرى.

أعمال الكاتب

• إلى أي مدى ترين أن كتاباتك تمثلك؟

- أعتقد أن أعمال الكاتب بالدرجة الأولى هي إشارة إلى فكرة تدوين لرأيه في مجريات الأمور التي تحيط به وبيان طريقة تناوله لتلك القضايا، وأيضا تحدد طريقة طرحه لتلك القضايا مدى سعة الأفق التي يتحلى بها، أما الحلول التي يضعها فهي تبيّن مدى استيعابه للمشاكل التي تزامنت مع وجوده في تلك الفترة، أي في الفترة التي كتب فيها تلك الأعمال.

لقد احتفظت بكتاباتي الأولى بكل ما ورد فيها، لأنها تمثلني في زمن معيّن، ولأنني اعتبرتها مقياسا لكل التغيرات التي سأتعرض لها، ولأعرف من خلالها هل الأيام ما زالت تمدني بعوامل النضج، أم أنها توقفت في التأثير عليّ، وإن فعلت ذلك فعلى الكاتب السلام.

كتابة صادقة

• الكاتب يعيش حيوات مضاعفة مع حياة كل بطل من أبطاله، ولكن، هل تأتي الكتابات صادقة إذا كتب عن بيئات مغايرة لم يعشها؟

- وجود مصطلح كتابات صادقة يقتضي بالضرورة بوجود المصطلح المناقض له، ألا وهو كتابات كاذبة ولا ينبغي الإيمان بوجود هكذا شيء، الكتابة برأيي هي عملية خرق للواقع إلى عوالم أخرى غير مرئية، ويحق للكاتب ما لا يحق للآخرين، وتلغي الحواجز بين العوالم، الزمن لديه بحر بعدة سواحل من أي شاطئ يحق له التجديف والإبحار، فالكاتب ليس حكواتيا يردد على مسامعنا حكايات جداتنا العجائز، بل هو مبتكر ومجدد، وهذا هو معنى الإبداع.

• مرّت فترة طويلة على مجموعتك السابقة، بماذا تنشغلين راهنا؟

- أعكف حاليا على كتابة مجموعتي القصصية الرابعة بعنوان «في ذمة الزمن القادم»، وعلى عكس ما قد يوحي العنوان في ذهن القارئ بإحالة كل شيء للزمن القادم، فإنها تؤكد ضرورة البدء في تنفيذ كل المشروعات المؤجلة، وعدم تركها للزمن، كما أعد حاليا كتابا جمعت فيه خواطري وومضاتي، وبدأت في كتابة رواية لم تتضح تفاصيلها بعد، ولا أدري متى أنتهي منها.

المرأة المبدعة

ترى الأديبة فوز أن الحديث عن المرأة المبدعة، في بلاد ترى الإبداع حكراً على الرجال، ذو شجون، وتقول: «الإبداع كالبركان لا يخضع لقوانين الناس، فالمرأة المبدعة تحوّل تلك السلاسل الصدئة الى قلائد، وكل حلقة فيها عبارة عن قصيدة شعر أو قصة قصيرة وربما طويلة.

وعن المشهد الأدبي في العراق، قالت: «قد يتعرض الجميع للتخبط نتيجة الظروف الاستثنائية التي نعيشها، والتي فرضت علينا قوانينها، والتي لا تحمل صفة العدالة أو الإنسانية في ثناياها، وهذا التخبط يمزج الألوان بشكل عشوائي، حتى تضيع الملامح الأصيلة والحقيقية، لكن يظل الفنان بشكل عام والكاتب على وجه الخصوص يبصر الحقائق عن بُعد، ويتنبأ بالمستقبل، حتى يدرك أن بنية الزمن دائرية تنتهي حيث ابتدأت، لكنها تغيّر فقط من أدواتها، فالكاتب هو حفيد الحاضر، لكنه ابن المستقبل.

بدأت الكتابة في سنّ ناضجة وبعد أن عشت في بيئات متنوعة
back to top