يلاحظ قائدو السيارات على طول الطرق السريعة في غرب ولاية تكساس الأميركية، تصاعد ألسنة اللهب بكثافة من المنشآت النفطية المنتشرة في أرجاء المنطقة، والتي باتت تضيء السماء فوق حقول النفط بطريقة غير ملحوظة من ذي قبل، بحسب تقرير لـ"بزنس ويك".هذا اللهب ناتج عن عملية إحراق الغاز الطبيعي، فمع تسارع عمليات التنقيب عن النفط تخرج كميات من الغاز المصاحب أكثر مما يمكن للأنابيب استيعابه، وتقول الشركات، إن هذا الإجراء والمعروف باسم "الإحراق" أو "الإشعال" هو الأكثر ملاءمة من الناحية البيئية للتخلص من الفوائض التي لا يمكن بيعها.
على جانب آخر، يقول دعاة حماية البيئة، إن الشيء الذي تعتبر عملية "الإشعال" أكثر ملاءمة له هو أرباح شركات التنقيب عن النفط وليس البيئة، ويطالبون المنظمين في تكساس وداكوتا الشمالية بأن يكونوا أكثر صرامة بشأن الممارسة التي يرونها مضرة بجودة الهواء وتساعد في تغير المناخ.
لماذا تحرق شركات التنقيب الغاز؟
- عندما تبدأ عملية استخراج النفط من بئر ما، يكون الغاز الطبيعي المنتج الجانبي الأقل قيمة.- يمكن لخطوط الأنابيب نقل هذا الغاز، لكن فقط عندما تكون متوقفة عن ضخ النفط، لذا يفضل المنتجون التخلص من هذا المنتج الثانوي كي لا يضطروا إلى تعطيل عملية نقل الخام.- يفعلون ذلك إما بإشعال الغاز في ما يعرف بعملية "الإحراق" المشار إليها سابقاً، أو بإطلاقه مباشرة في الهواء، وهي عملية معروفة باسم "التنفيس".- يُفضل اللجوء إلى عملية "الإشعال" لأنه يتم معها حرق الميثان (وهو أحد الغازات الدفيئة قوية التأثير)، رغم أن ذلك يطلق ثاني أكسيد الكربون في الهواء.ما مقدار الغاز الذي يتم حرقه؟
- كثير جداً، ويقدر البنك الدولي أنه على مستوى العالم، تم حرق 145 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في عام 2018، وهو ما يعادل استخدام أميركا الوسطى والجنوبية خلال عام.- ترتفع كميات الغاز المحترق بسبب طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة، والتي يتم تغذيتها باستخدام تقنيات التكسير الهيدروليكي، لاستخراج الخام من بين طبقات الصخور.- تتركز عمليات الإحراق المتزايدة في الولايات المتحدة في أحواض النفط الصخري مثل "إيغل فورد" في تكساس، والحوض البرمي في تكساس ونيو مكسيكو، و"باكن" في داكوتا الشمالية.- ارتفعت وتيرة الحرق في الحوض البرمي 85 في المئة خلال العام الماضي، وفقاً لبيانات "ريستاد إنرجي" للاستشارات، وكان حجم الكميات المحروقة في تكساس وحدها بنهاية عام 2018 أكبر من طلب الولاية بأكملها على الغاز.ما آثار هذا الحرق؟
- وفقاً للبنك الدولي، فإن حرق الغاز ينبعث منه ما يزيد على 350 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً، مما يعادل انبعاثات 90 محطة طاقة تعمل بالفحم.- تتسبب الولايات المتحدة وحدها في نحو 9 في المئة من انبعاثات الغازات الدفيئة الصادرة من صناعة النفط والغاز العالمية.- تتسبب عملية "الإحراق" في انتشار جسيمات دقيقة وسموم في الهواء، وثبت أنها تشكل خطراً على البشر.كيف تنظم الولايات المتحدة المسألة؟
- يُسمح بالإشعال عندما يتسبب الغاز في مشاكل متعلقة بالسلامة، بسبب ارتفاع الضغط في البئر، وعندما لا تكون خطوط الأنابيب متاحة لنقله.- في الحالتين، تغني عملية الإحراق الشركات عن تعليق إنتاج النفط، وهي خطوة مكلفة قد تلحق الضرر بإجراءات الإنتاج مستقبلاً.- الجهة الرئيسية المنوط بها تنظيم أعمال النفط والغاز في الولاية هي لجنة سكك حديد تكساس، ولم ترفض قط طلباً للحصول على تصريح إشعال الغاز.- في حالة مثيرة للجدل، منحت اللجنة ترخيصا لـ"إكسكو ريسورسز" في السادس من أغسطس، رغم أن الشركة كانت قادرة على استخدام خطوط الأنابيب، لكنها ادعت أن ذلك سيسبب لها خسارة مالية.ألا يساوي هذا الغاز أي قيمة؟
- الإجابة المختصرة هي "لا"، على الأقل ليس في الأحواض والحقول الممتلئة بالنفط والذي تمنحه الشركات أولوية قصوى لقيمته المرتفعة.- في الحوض البرمي، انخفضت أسعار الغاز المحلية إلى النطاق السالب عدة مرات هذا العام (أي أن المنتجين هم من يدفعون مقابل بيع الغاز المتراكم للمستهلكين).هل هناك بدائل لعملية الإحراق؟
- بصرف النظر عن نقل الغاز إلى الأسواق عبر خط أنابيب، يمكن لمنتجي النفط استخدامه في الموقع كمصدر للطاقة، أو إعادة ضخه تحت الأرض.- كلا الخيارين يتطلب استثمارات، ومع ذلك، تطلب روسيا مثلاً من مستثمري النفط الاستفادة من 95 في المئة من الغاز الذي يستخرجونه، في حين تحظر نيجيريا ممارسة الإحراق تلك.- على أي حال لم تمنع هذه القواعد انتشار عمليات الإحراق في البلدين، وهذا يشير إلى أن الحظر قد لا يكون كافياً دون حوافز للحد من الإحراق.