أفلام بلغة قصّتها الأصلية.. تتألق في مهرجان البندقية
«الموصل» أول فيلم تشويق هوليوودي بالعربية يعرض في المهرجان
لعل زمن تصوير أفلام تدور أحداثها في الشرق الأوسط أو أوروبا بالإنكليزية ولّى، فقد اختار سينمائيون عدة تعرض أفلامهم في مهرجان البندقية إنجاز أعمالهم بلغة قصتها الأصلية.وصحيح أن أوساط السينما كانت تشترط إنتاج أفلام بلغة شكسبير لزيادة حظوظ نجاحها، غير أن الأعمال المصوّرة باللغة الأصلية باتت تلقى رواجاً متزايداً، كما الحال مثلاً في مهرجان البندقية حيث عرض على سبيل المثال «جاكوز» لرومان بولانسكي حول قضية الضابط ألفريد دريفوس، وهو يهودي فرنسي أصله من منطقة الألزاس اتّهم بالخيانة تمّت تبرئته في نهاية المطاف.وقد أعلن بداية أن هذا المشروع الذي أرجئ سنوات عدّة سيكون بالإنكليزية، لكن في نهاية المطاف صوّر الفيلم الذي يتمحور على قضية هزّت المجتمع الفرنسي وشارك البريطاني روبرت هاريس في تكييف نص أحداثه، بالفرنسية مع الممثلين الفرنسيين جان دوجاردان ولوي غاريل.
وقال منتج العمل الفرنسي آلان غولدمان خلال مؤتمر صحافي «أظنّ أن الانتقال من الإنكليزية إلى الفرنسية كان أحد عناصر نجاح المشروع».وأردف «شهدنا خلال السنوات الأخيرة أن اللغة استحالت أحد عناصر الأصالة في السينما العالمية والمسلسلات، علماً أنه قبل بضعة عقود كنّا نظنّ أن الإنكليزية وحدها هي مفتاح الشهرة في العالم».والأمر سيان بالنسبة إلى المخرج الفرنسي اليوناني كوستا-غافراس الذي عرض آخر أعماله «أدالتس إن ذي روم» باللغة اليونانية في البندقية خارج إطار المسابقة الرسمية.وهذا العمل السينمائي مقتبس من كتاب «محادثات بين بالغين في كواليس أوروبا» لوزير المال اليوناني السابق يانيس فاروفاكيس، وهو يتتبّع مسار رجل السياسة هذا (الذي يؤدّي دوره خريستوس لوليس) في خضمّ أزمة العام 2015.وكشف المخرج «فكّرت في بادئ الأمر في اختيار نجوم من الطراز الرفيع وفاتحتهم بالأمر، لكن قالوا لي إنه سيتعذّر عليهم خلال وجودهم في اليونان التكلّم بلغة البلد». وأضاف «كان سيكون من الغريب فعلاً أن نجعل نجماً أميركياً يتكلّم بالإنكليزية مع يونانيين، لذا قررنا الاستعانة بممثلين من اليونان لتأدية الأدوار اليونانية وإيطاليين للأدوار الإيطالية...».عرض المخرج الأميركي ماثيو مايكل كرناهان خارج إطار المسابقة الرسمية فيلم «الموصل» عن وحدة نخبة في القوات العراقية حاربت تنظيم الدولة الإسلامية بين 2016 و2017 لاستعادة ثاني كبرى المدن العراقية.وهذا العمل الذي أنتجه الشقيقان أنتوني وجو روسو المعروفان بتعاونهما على عدّة أجزاء من سلسلة «أفنجرز»، صوّر بالكامل بالعربية، في سابقة لفيلم تشويق هوليوودي.وقال المخرج خلال مؤتمر صحافي «كان من البديهي في نظري أن ننجز العمل بالعربية وأقرب ما يكون إلى اللهجة العامية».وأكّد جو روسو أنه لم يتردد أبداً في تصوير الفيلم باللغة العربية «فنحن أردنا أن نضفي طابعاً حقيقياً على القصة».وأشاد المخرج العراقي محمد الدراجي الذي عين منتجاً تنفيذياً لهذا الفيلم بهذه الخطوة.وصرّح «لم يتسنّ يوماً عرض قصة عربية تكتسي طابعاً إيجابياً لهذه الدرجة»، معرباً عن أمله في أن «تمهّد هذه الخطوة الطريق لأفلام هوليوودية أخرى».لكن التصوير بلغة أجنبية ليس دوماً بالمهمة السهلة.فالمخرح الياباني هيروكازو كوري-إيدا قدّم فيلم «الحقيقة» في افتتاح مهرجان البندقية وهو صوّر في باريس بالفرنسية ومن بطولة كاترين دونوف وجولييت بينوش.وقد تطرّقت دونوف في تصريحات لوكالة فرانس برس إلى صعوبات التعاون مع مخرج يتعذّر التواصل معه مباشرة. وهي قالت «كان أمراً غريباً بالفعل، لأنه لا يتكلّم لا الفرنسية ولا الإنكليزية، واضطررنا إلى الاستعانة بمترجم طوال الوقت».