تكشف استطلاعات الرأي أن ترامب بدأ يخسر تأييد الناخِبات النساء بفوارق ضخمة، مما يعني اضطراره لتجاوز عوائق هائلة في حملة إعادة انتخابه الرامية إلى الفوز بولاية رئاسية ثانية.

أكثر ما يقلق ترامب على الأرجح هو تراجع دعم النساء البيضاوات، علماً أنه كان عاملاً محورياً لفوزه في انتخابات العام 2016.

Ad

كشفت استطلاعات الرأي بعد الاقتراع مباشرةً ودراسات ما بعد الانتخابات أن ترامب تفوق على المرشّحة الديمقراطية هيلاري كلينتون ضمن فئة النساء البيضاوات في عام 2016، وقد ذكر الرئيس هذه الإحصاءات خلال حملته لمحاربة المفهوم القائل إنه يواجه مشكلة بسبب توسّع الفجوة بين الجنسين في قاعدة داعميه.

لكن تثبت أحدث الاستطلاعات أن الناخِبات البيضاوات اللواتي ساهمن في فوز ترامب في عام 2016 قد يصبحن السبب في هزيمته في عام 2020 إذا استمرت النزعة الراهنة.

كشف استطلاع أجرته جامعة «كوينيبياك» أن ترامب متأخر عن أول خمسة مرشحين ديمقراطيين بفارق يتراوح بين 9 نقاط و16 نقطة عموماً، ويتفوق كل مرشّح منهم على الرئيس بمعدل 23 نقطة وما فوق من حيث نسبة تأييد مجموع النساء.

حقق نائب الرئيس السابق جو بايدن والسيناتور بيرني ساندرز (مرشّح مستقل عن ولاية «فيرمونت») أفضل النتائج في منافستهما الافتراضية المباشرة مع الرئيس، فتفوق كل واحد منهما بمعدل 18 نقطة على ترامب ضمن فئة النساء البيضاوات.

قال مارك بين، أحد مديري «مركز الدراسات السياسية الأميركية» في «هارفارد» وشركة «هاريس بول»، إن ترامب يواجه مشاكل كبرى مع النساء في الضواحي: «هؤلاء الناخِبات جزء من المحافظين الحقيقيين الضمنيين الذين صوّتوا لترامب وميت رومني (المرشح الجمهوري للرئاسة في عام 2012) بمستويات عالية. لكن خسرهم الجمهوريون في انتخابات التجديد النصفي وباتوا يشكلون أكبر عائق أمام إعادة انتخاب ترامب. ولم ينجح الرئيس حتى الآن في كسب دعمهم مجدداً».

تأخذ حملة ترامب هذه المسألة على محمل الجد، لذا أطلقت حملة «نساء من أجل ترامب» بقيادة مجموعة حيوية من النساء لبناء جيش شعبي من المؤيدين وضمان تأييد الناخِبات للرئيس في شهر نوفمبر المقبل.

تأتي 36 امرأة من أبرز أعضاء المجموعة من 18 ولاية مختلفة، ويطلقن على أنفسهن اسم «الفرقة الحقيقية» (في تلميح إلى أربع نساء ديمقراطيات مبتدئات في الكونغرس يُعْرَفن باسم «الفرقة»). تشمل هذه المجموعة حاكِمة سابقة، وممثلة كوميدية، ومغنية بوب، ومجنّدة سابقة في القوات البحرية، ومنتسِبة إلى مجموعة Angel Moms (أمهات الملائكة) (أمهات خسرن أولادهن لأسباب مختلفة)، وكاتبة، ومتحدّثة تحفيزية.

صرّح المسؤولون عن حملة ترامب لموقع «ذي هيل» بأن أول يوم وطني لتدريب المجموعة (بدأ في وقتٍ سابق من هذا الشهر، تزامناً مع الذكرى التاسعة والتسعين لتمرير التعديل التاسع عشر الذي يمنح النساء الحق في التصويت) أدى إلى تطوّع 4600 امرأة جديدة في 16 ولاية لتسجيل الناخبين الجدد أو إقناع الناس بانتخاب ترامب.

نظّمت تانا غورتز، إحدى المشارِكات في مجموعة «نساء من أجل ترامب» في «أيوا» ومتسابقة في برنامج The Apprentice (المتدرّب)، حدثاً تدريبياً في «دي موين»، «أيوا»، فجذب نحو 90 امرأة. تظن غورتز أن الاستطلاعات لا تعكس بدقة حماسة النساء تجاه الرئيس في الولايات الأساسية التي تحتدم فيها المعركة الانتخابية: «أنا لا أصدّق الاستطلاعات، بل أصدّق الناخبين. لقد صدمنا العالم في عام 2016 وسنصدمه مجدداً».

تُركّز مجموعة «نساء من أجل ترامب» على نشر رسالة مفادها أن المرأة استفادت من سياسات ترامب. من وجهة نظرها، يبلغ معدل بطالة النساء أدنى المستويات تاريخياً، ومن بين 5 ملايين وظيفة جديدة خلال عهد ترامب، استفادت النساء من 3.2 ملايين منها.

تشير داعِمات ترامب أيضاً إلى سجله المرتبط بمكافحة الإجهاض، ومضاعفة الائتمان الضريبي للطفل، ودعم ترامب لخيارات تعليمية مختلفة مثل المدارس المستأجرة، واقتراح إجازة عائلية مدفوعة للمواليد الجدد، وإصرار الرئيس على تأمين الحدود وكبح عمليات تهريب المخدرات والاتجار بالبشر، كدليلٍ على تأييده لسياسات تهمّ المرأة.

تقول بيني نانس، عضو في المجلس الاستشاري في «نساء من أجل ترامب»: «أظن أن الرئيس يبلي حسناً أكثر مما تعترف به وسائل الإعلام. خلال هذه المناسبات النسائية الرامية إلى زيادة نسبة المشاركين في الانتخابات، أشاهد منازل مزدحمة وحماسة عالية في أنحاء البلد. بالتالي، لا تعكس الفكرة القائلة إن النساء لا يحبّذن ترامب الحقيقة. صوّتت له 30 مليون امرأة في الانتخابات الماضية، وأظن أن الأغلبية الساحقة ستصوّت له مجدداً. يمكنكم أن تستخفوا به إذاً، لكن على مسؤوليتكم الخاصة».

مع ذلك، تكثر الأدلة التي تشير إلى توسّع عواقب النقاط المثيرة للجدل في أداء ترامب، بدءاً من التسجيل المسرّب من برنامج Access Hollywood حيث أساء بكلامه إلى النساء، وصولاً إلى خلافاته مع فريق كرة القدم النسائي الأميركي. كذلك، اتّهمت 12 امرأة تقريباً الرئيس بسلوكيات جنسية غير لائقة، لكنه أنكرها بقوة.

قال تيم مالوي، منظم الاستطلاعات في جامعة «كوينيبياك»، إن الاستطلاع الذي أجراه سأل الناخِبات في 48 مناسبة مختلفة منذ انتخاب ترامب عن شعورهنّ تجاهه، وفي جميع تلك الاستطلاعات، عارضت النساء ترامب بهامش اثنين لواحد، واقتصرت نسبة التأييد النسائي له على 36%: «ربما تشتق هذه النسبة السيئة من تراجع التعاطف معه وعدم اعتباره قدوة يُحتذى بها».

لكن اعتبرت نانس أن المرأة عموماً قادرة على تجاوز عيوب الرئيس للتركيز على سياساته التي أفادتها: «صحيح أنه يستعمل أحياناً مصطلحات غريبة أو لا يحبذ الناس تغريداته، لكن تحب النساء سياساته. لم تصوّت له 30 مليون امرأة في عام 2016 لأنهن رغبن في اختيار قسّ أو زوج مثالي، بل كنّ يبحثن عن حارس شخصي، وقد نفّذ جميع رغباتهنّ».

خسر الرئيس تأييد مجموع النساء في عام 2016، فحصد 41% من أصواتهن مقابل 52% لكلينتون، لكنه حقق نتيجة جيدة بما يكفي وسط النساء البيضاوات، مما سمح له بتجاوز ذلك النقص، فكسب في النهاية 52% من نسبة التأييد وفق الاستطلاعات بعد الاقتراع. لكن تكشف استطلاعات كثيرة حديثاً أن ذلك الدعم بدأ ينهار.

ذكر استطلاع أجرته قناة «إي بي سي نيوز» ومجلة «وول ستريت» قبل أيام أن ترامب متأخر عن المرشح الديمقراطي بمعدل 12 نقطة عموماً. يتفوق الديمقراطي على ترامب بـ33 نقطة ضمن فئة النساء البيضاوات المتعلمات في الجامعات، ويتقلص هذا الهامش في مجموعة النساء البيضاوات غير الجامعيات، لكن يبقى ترامب متأخراً في هذا المجال أيضاً (49% مقابل 43%).

كذلك، كشف استطلاع مشترك بين موقع «ذي هيل» وشركة «هاريس بول» في شهر يونيو أن 62% من الناخِبات المسجّلات اعترفن بأنهن لن يدعمن ترامب على الأرجح لإعادة انتخابه، وفي المقابل، عبّر 49% من الرجال فقط عن الموقف نفسه.

في غضون ذلك، كشف استطلاع مشترك بين مجلة «بوليتيكو» وشركة «مورنينغ كونسلت» أن 38% من الناخبين يظنون أن التمييز على أساس الجنس توسّع في عهد ترامب. في المقابل، اعتبر 29% أن الوضع لم يتغير، و20% أن الوضع تحسّن.

أضاف مالوي: «لم يحقق الرئيس يوماً أي نتائج إيجابية مع النساء، وتشير الأرقام الأخيرة إلى تراجع مكانته بنظرهنّ بدرجة إضافية».

جوناثان إيزلي – ذي هيل