لابد لنا من التفلسف!
![دانة الراشد](https://www.aljarida.com/uploads/authors/400_1702572887.jpg)
ومن المضحك في الأمر إطلاق لفظ "فيلسوف" بالعامية هنا للإشارة لمن يكثر كلامه و"يعقد" الأمور، فهو "يتفلسف" في نظرنا ويفتي فيما لا يعلم. هذا إن دل فهو يدل على ضعف قدرتنا على التفكير التجريدي كشعب بشكل عام، وتفضيلنا للإجابات الجاهزة، وهو أمر جد مقلق. كذلك ينعت المجتمع القارئ هنا بالـ"معقد"، ولا يربط القراءة أو رؤية كتاب حتى إلا بأيام الدراسة! وهنا أتذكر رؤيتي للقراء بكثرة في جميع أنحاء الدول المتقدمة، فأينما تولِّ وجهك فستجد شخصاً ما منغمساً في القراءة.طبيعة العقل البشري هي التفكر والتساؤل وعدم أخذ الآراء السائدة كمسلمات، لكن هذه القدرة النقدية تتعطل تماماً في المجتمعات التي تتبع التلقين كأسلوب حياة وتعاقب من يجرؤ على التفكير بشكل مستقل عن طريق مهاجمته أو عزله اجتماعياً، وذلك ما حدث مع الكثير من المبدعين والعظماء على مر التاريخ، بمن فيهم الشاعر الكويتي فهد العسكر. كذلك فإن المجتمعات المنغمسة في الثقافة الاستهلاكية دائماً ما تكون مادية في منظورها ولا ترى قيمة إلا في الأشياء التي يمكن استهلاكها، وذلك يؤدي إلى فقد الأذهان لياقتها وتفسيرها السطحي للأمور، فلا مجال للتعمق هنا.نعم، لابد لنا من التفلسف، فنحن سنجد أنفسنا لا محالة أمام مفترق طرق محير في هذه الحياة المجنونة، ولن تشبعنا تلك الإجابات الجاهزة ولن تعالج وضعنا الخاص جداً، فسنجد نفسنا مضطرين للتعمق نحو أجوبة قد لا تكون شافية تماماً، ولكنها حتماً ستشكل العتبات الأولى نحو حياة أكثر عمقاً وأصالة. * "من الخطير أن تكون على حق عندما يكون الناس على خطأ" . (فولتير)