ونحن على أبواب دور الانعقاد الأخير، الذي ينتهي به الفصل التشريعي، لتجري الانتخابات البرلمانية لفصل تشريعي جديد، حيث يمثل النواب أمام ناخبيهم، ليقدموا لهم فاتورة الإنجازات التي وفقوا في تحقيقها، سوف يحرص النواب على سباق الزمن لإقرار بعض القوانين، التي سوف يحقق إقرار المجلس لها معركة انتخابية مربحة في تجديد الثقة بهم.وسوف يستخدم السلاح ذاته في تهديد الحكومة، باستجواب الوزير المختص، أو تقديم استجواب إلى سمو رئيس مجلس الوزراء، إن لم يتم إقرار هذه القوانين.
ويلوح في الأفق، اقتراح بقانون بتعديل جديد لقانون التأمينات الاجتماعية، والمدرج على جدول أعمال المجلس، والذي يحول نظام الاستبدال إلى قرض حسن، الأمر الذي ينطوي على خروج على الأهداف المشروعة لنظام التأمينات الاجتماعية، وهي تغطية الأخطار التي يواجهها المؤمن عليهم، وهي الشيخوخة والعجز والمرض والوفاة، وعلى مخالفة للمادة (11) من الدستور، التي عهدت إلى الدولة بتوفير خدمات التأمين الاجتماعية، وليس من بينها الأعمال المصرفية أو الأعمال الخيرية التي تقوم بها منظمات المجتمع المدني، أو أعمال الزكاة التي يقوم بها بيت الزكاة، فضلا عن انتهاك حرمة المال العام التي جعل الدستور حمايتها واجبا على كل مواطن في المادة (17) بما يجعل هذا الواجب مضاعف الأثقال على النائب، باعتبار أنه يمثل الأمة بأسرها، ويرعى المصلحة العامة، إعمالا للمادة (108) من الدستور، وانتهاك الحماية المقررة للملكية الخاصة، حيث يعتمد تمويل نظام التأمينات الاجتماعية لتغطية الأخطار السابقة، فضلا عن دعم الدولة للنظام،على تكافل المؤمن عليهم، وأصحاب أعمالهم جميعا في تحمل أعباء تأمين هذه الأخطار، فيما أداه ويؤديه هؤلاء وأولئك من اشتراكات وفقا للحسابات الاكتوارية التي يقوم عليها النظام، بما يعتبر انتهاكا للحماية المقررة للملكية الخاصة في المادة (18) من الدستور حال صرف أموال التأمينات الاجتماعية في غير مصارفها المشروعة، فضلا عن إخلاله بالمساواة بين فئة من المواطنين هم المؤمن عليهم وأصحاب المعاشات، الذين تتوافر فيهم شروط الاستبدال وبين أقرانهم الذين لا تتوافر فيهم هذه الشروط، بل بين المستفيدين من نظام الاستبدال وبين وغيرهم من سائر المواطنين الذين قد تقوم بهم حاجة إلى القرض الحسن أكثر من الخاضعين لنظام الاستبدال، دون مبرر منطقي أو معقول لهذا التمييز.وكان مجلس الأمة قد وافق على اقتراح بقانون مماثل للاقتراح بقانون سالف الذكر المدرج على جدول أعمال المجلس الحالي، وذلك بجلسة المجلس المعقودة بتاريخ 14/ 11/ 2005، وتم رده بالمرسوم رقم 308 لسنة 2005 وعند إعادة المجلس النظر فيه بعد رده لم يحظَ بموافقة المجلس، لقناعته بالأسباب التي وردت في مرسوم الرد، وننقل بعض ما جاء في هذا المرسوم من أسباب وهي:"وحيث إن التعديل المقترح يؤدي كذلك إلى عدم المحافظة على حقوق فئات تستحق الاهتمام كالأرامل والأيتام، وكذا المتقدمون في العمر الذين لا يحق لهم الاستبدال، وذلك بإقراض أموال هذه الفئة الضعيفة- وهم الذين أنشئ نظم التأمينات الاجتماعية أساسا من أجلهم– لآخرين أفضل ظروفاً، مفوتين فرص استثمار هذه الأموال على تلك الفئة، كما أن مؤدى التعديل المقترح أن يرد المستبدل أصل القيمة الاستبدالية التي صرفت له دون أي مبالغ أخرى، وهو ما لا يتفق مع طبيعة الاستبدال كنظام قائم على التكافل، بل إن ذلك ينفي عن المبالغ التي صرفت وصف (الاستبدال) ويجعلها بمثابة القرض الحسن الذي ليس من أغراض أنظمة التأمينات الاجتماعية، كما أنه ليس من اختصاص المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية القيام بتوفيره، هذا فضلا عن أن تقديم مثل هذا القرض يرتبط بمدى الحاجة إليه، ولأغراض محددة، ووفقا لضوابط شرعية، وهي أمور لا علاقة لها إطلاقاً بالاستبدال، وكذلك فإن التعديل المقترح وحسبما يستفاد من نصوصه يهدف إلى أن يرد المستبدل المبلغ الذي صرف له، وهو أمر لا يمكن تحقيقه في الواقع لأن المستبدل في الحقيقة يرد أقل مما صرف له بالأخذ بالاعتبار انخفاض القيمة الشرائية للنقود بمرور الوقت". فضلا عن سقوط أقساط الاستبدال، إذا توفي صاحب المعاش بعد قبض القيمة الاستبدالية، ولو كان لم يسدد قسطا واحدا من هذه القيمة، وهو الأمر الذي أغفله الاقتراح بقانون السابق الذي تم رده، فضلا عن الاقتراح بقانون الحالي.
مقالات
ما قل ودل: اقتراح بقانون مرشح لاستجواب قادم
08-09-2019