العيادي: العلوم الإنسانية لعبت دوراً مهماً في مساري

حصد الجائزة الأولى في المهرجان الدولي للكاريكاتير

نشر في 09-09-2019
آخر تحديث 09-09-2019 | 00:03
فنان مبدع، ريشته لها بصمة فريدة على الورق، وإجادته لفن الكاريكاتير كانت سبباً في حصده العديد من الجوائز العربية والدولية، أبرزها الجائزة الأولى في المهرجان الدولي للكاريكاتير بمصر 2018.
وفي حوار أجرته معه «الجريدة» من القاهرة، قال الفنان التشكيلي المغربي عبداللطيف العيادي إن العلوم الإنسانية، وخاصة الفلسفة، لعبت دوراً مهماً في مساره الفني، لافتاً إلى أن استخدام التقنية الحديثة لن يقصي الرسم التقليدي على الورق... وفيما يلي نص الحوار:
• كيف تنامى بداخلك حُب الرسم؟

- مند طفولتي أرسم كل شيء يثير إعجابي من حولي، وبخاصة الطبيعة والبورتريه في مدينة صغيرة اسمها «وزان» تتميز بالهدوء والمناظر الطبيعية الخلابة. وبعد دراستي الابتدائية والإعدادية فالثانوية، قررت أن أتوجه إلى مدينة تطوان «الحمامة البيضاء» عام 2009، للالتحاق بالمعهد الوطني للفنون الجميلة، ودراستي الأكاديمية في هذا المعهد مكنتني من الغوص في الفن التشكيلي بشكل معمق من خلال دروس نظرية كتاريخ الفن والفلسفة والسيميولوجيا، وأخرى تطبيقية كالرسم والصباغة والنحت، حيث الاشتغال على مختلف الموضوعات (الطبيعة، الطبيعة الميتة، الجسم، البورتريه، العمارة)، فالفن التشكيلي يقوم على إتقان قواعد الرسم والصباغة كالمقاييس، الإضاءة، الظل، وهنا أستحضر قول بابلو بيكاسو: «أتقن القواعد كمحترف، حتى تتمكن من كسرها كفنان»، وقد ساهمت دراستي الأكاديمية في الانفتاح على تجارب وخبرات عالمية، خاصة الإسبانية، في مجال الفن التشكيلي، وتحديداً الرسم والصباغة المائية «الأكواريل» والتأثر بالمدرستين الانطباعية والواقعية، كل هذا خولني الحصول على جوائز وطنية ودولية، بالإضافة إلى عشقي للرسوم المتحركة والكاريكاتير، حيث توجت بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي لسينما التحريك في مدينة مكناس عامي 2013 و2016.

الأشرطة المرسومة

• حصدت أيضاً الجائزة الأولى في المهرجان الدولي للكاريكاتير بمصر 2018، حدثني عن هذه التجربة؟

- من خلال متابعتي للأنشطة الثقافية والفنية وطنياً ودولياً، أثار انتباهي خلال السنوات الأخيرة انفتاح الدول العربية على فن الكاريكاتير، الرسوم المتحركة والأشرطة المرسومة، وخاصة في مصر، حيث تقام عدة مسابقات ومعارض، فقررت المشاركة في إحداها.

وفي أواخر عام 2018، تم الإعلان عن مسابقة «كايروكاتير الدولية»، وكان موضوعها يتمحور حول رسم بورتريه كاريكاتيري لشخصية العالم المصري أحمد زويل، الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1999، فشاركت في المسابقة، وتقدم للمشاركة فيها 300 فنان من مختلف بقاع العالم، تحت عنوان «العالم يرسم زويل».

بعد أيام معدودة، أعلن المنظمون النتائج النهائية عبر مواقع عالمية مختصة بالكاريكاتير، فكانت فرحتي لا توصف، إذ حصلت على الجائزة الأولى عالمياً من بين كل هذا العدد الكبير من المشاركين، في حين عادت الجائزة الثانية لـ«بيدرو سيلفا» من البرتغال، والثالثة لـ«عمر ثيفايوس» من البيرو.

وتم تنظيم معرض للأعمال المشاركة في مركز محمود سعيد للمتاحف بالإسكندرية، وحقق نجاحاً متميزاً، وبطبيعة الحال تسهم الجوائز في تشجيع الفنان، فبقدر ما هي تشريف واعتراف هي كذلك تكليف لبذل المزيد من العطاء والإنتاج والإبداع.

أفكار جديدة

• حصلت على درجة البكالوريوس في العلوم الإنسانية، ماذا أفادك ذلك على مستوى عملك الفني؟

- سؤال جيد، يمكن القول إن العلوم الإنسانية وخاصة الفلسفة لعبت دوراً مهماً في مساري الفني، من خلال الانفتاح على أفكار جديدة ورؤية الأشياء من زاوية مغايرة وتحليلها فلسفياً وسميولوجياً، ما يسهم في إبداع أعمال فنية راقية تؤثر في المتلقى بشكل خاص، وفي الحياة المجتمعية عموما. يقول الفيلسوف فريدريك نيتشه: «لدينا الفن كي لا نموت من الحقيقة»، ويقول الكاتب النمساوي بيتر ألتنبرغ: «الفن هو الحياة، والحياة هي الحياة، لكن فن الحياة أن تحيا حياتك بفن».

الرسم والصباغة

• ما أهمية تعليم الرسم للأطفال في ضوء تنظيمك ورشاً فنية للصغار في المغرب؟

- أنظم ورشاً فنية للصغار في الكاريكاتير والرسم والصباغة، في عدة مدن مغربية، بهدف إشعار الأطفال وعائلاتهم بأهمية الرسم في تربية النشء وتهذيب ذوقهم الفني وإبعادهم عن الانحراف، فالفن أحد أشكال العلاج، كما قال أرسطو، وكذلك جعلهم ينخرطون في النهوض بالشأن الثقافي المحلي والوطني، من خلال رسومات تعبر عما تزخر به بلادنا من معالم ومناظر وشخوص.

وكان عنوان الورشة، التي نظمتها أخيراً في مدينة وزان: «وزان بعيون أطفالها»، حيث ساهمت هذه الورشة في الإشعار بأهمية المعالم التي تزخر بها هذه المدينة العريقة، من خلال إعطاء الحرية للأطفال لاختيار المعالم التي يحبونها ورسمها بتقنيات مختلفة، بالإضافة إلى تكريم شخصية الممثل المغربي عبدالقادر مطاع برسمه كاريكاتيرياً من طرف الأطفال، خلال ورشة سابقة لفن الكاريكاتير.

التطور التكنولوجي

• دخول التكنولوجيا في مجال الرسم، هل تراه في صالح الفنان أم يضيِّع الروح الحقيقية للعمل الفني؟

- بطبيعة الحال، يجب على الفنان أن يواكب التطور التكنولوجي ويوظفه لمصلحته، خاصة في عصرنا، حيث أصبحت المعلومة تنتقل بسرعة وتفرض على الفنان مسايرتها دون أن يهمل الجانب الإبداعي في عمله، فالكاريكاتيريست على سبيل المثال أصبح يقوم بإبداع عمله حول حدث أو موضوع ظرفي معين في وقت وجيز ويرسله إلى الجريدة أو المجلة بسرعة، وهذا لا يتأتى إلا عن طريق استعماله وتوظيفه للوسائل التقنية الحديثة كاللوحات الغرافيكية وبرامج الرسم والتلوين، عوضاً عن الطريقة التقليدية، أي الرسم على الورق ثم التلوين بالصباغة، لكن هذا لا يعني أن التكنولوجيا في مجال الرسم كالرسم الرقمي سيقصي ويعوض الرسم التقليدي على الورق، فلكل أدواته، وخاماته، وجماليته وقيمته التي تميزه. وكما يقول المثل الشعبي المغربي: «الجديد له جدة والبالي لا تفرط فيه».

العالم العربي

• كيف تقيِّم مستوى الكاريكاتير في العالم العربي؟ وما العقبات التي تواجه هذا الفن؟

- من خلال ما يعرفه العالم العربي من تطور وانفتاح في المجال الثقافي والفني تنظم العديد من الملتقيات والمسابقات والمعارض المتعلقة بفن الكاريكاتير، وهذا يدل على تجاوز النظرة التي كان ينظر بها إلى هذا الفن المشاغب «فن المأساة الضاحكة»، لكن نظراً لتطرقه ونقده اللاذع لمختلف المواضيع، وبخاصة السياسية يجد أحياناً تضييقاً في بعض الدول، بخلاف الوضعية المقلقة التي أصبحت عليها الجرائد الورقية، وهي التي كانت المحتضن الأول للرسوم الكاريكاتيرية في ظل صعود الصحافة الإلكترونية ووسائط التواصل الاجتماعي واستقطابها لملايين القراء.

• ما المشروع الفني الذي تجهز له حالياً؟

- تنظيم معرض خاص بفن الكاريكاتير.

أنظم ورشاً فنية للأطفال لتهذيب ذوقهم الفني وإبعادهم عن الانحراف

استخدام التقنية الحديثة لن يقصي الرسم التقليدي على الورق
back to top