علمت «الجريدة»، من مصدر رفيع المستوى في المجلس الأعلى للأمن القومي، أن سبب تلكؤ إيران في إعلان الخطوة الثالثة من تخفيض التزاماتها بشأن الاتفاق النووي، والذي كان مقرراً الخميس الماضي، هو محاولة حكومة الرئيس حسن روحاني التملص من قرارات المجلس بشأن الخطوة التي اعتبرتها فرنسا محبطة لجهودها الدبلوماسية لتخفيف التوتر بين طهران وواشنطن.

وقال المصدر إن المجلس الأعلى كان قد اتخذ قراراً بأن تشمل الخطوة الثالثة تخطي حاجز تخصيب اليورانيوم بنسبة 5%، إضافة إلى إعادة تركيب 5 آلاف جهاز طرد مركزي جديد، كي يصبح عدد الأجهزة العاملة في البلاد من هذا النوع 10 آلاف.

Ad

وكشف أن الحكومة تلقت رسائل وضمانات إيجابية جداً الأسبوع الماضي بعد لقاءات وزير الخارجية محمد جواد ظريف مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير خارجيته جان إيف لودريان، وتقرر على ضوء ذلك أن يعلن روحاني استعداده للقاء نظيره الأميركي دونالد ترامب، في مقابل أن يعلن الأخير استعداده لإعادة إعفاء ثماني دول من العقوبات النفطية على إيران.

وأضاف أن ترامب تراجع عن إعلان ذلك في اللحظة الأخيرة، مما أغضب الجانب الإيراني، وإثر ذلك عقد المجلس الإيراني اجتماعاً طارئاً تقرر خلاله رفع نسبة تخصيب اليورانيوم إلى أكثر من 5%، وهو ما يعتبره الأوروبيون والأميركيون خطاً أحمر، إضافة إلى زيادة عدد أجهزة الطرد الفعالة من 5 آلاف إلى 10 آلاف، وعودة إيران إلى صنع أجهزة طرد مركزي من الجيلين الجديدين السادس والثامن، إضافة إلى تخزين اليورانيوم الناتج عن الأنشطة النووية بدلاً من إعادة دمجه، ليعود إلى وضعه قبل تخصيبه حسب الاتفاق النووي.

وقال المصدر إن ما جعل حكومة روحاني تتراجع عن قرار المجلس الأعلى، هو أن باريس أبلغتها أن الإسرائيليين ومستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون ووزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، هم من نسفوا مبادرة ماكرون لدفع طهران إلى تنفيذ «الخطوة الثالثة».

وأشار إلى أن الفرنسيين نبهوا الإيرانيين إلى أن تنفيذ «الخطوة الثالثة» سيكون انتصاراً للفريق الداعي إلى المواجهة والتصعيد، وأن على الحكومة الإيرانية ألا تقع في هذا الفخ. وطلب الفرنسيون من روحاني أن يدرس إمكانية عقد لقاء، ولو قصيراً، مع ترامب على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة مع ضمانات بأن يعلن الرئيس الأميركي إعادة الإعفاءات وإلغاء بعض العقوبات بعد أقل من 24 ساعة على القمة.

وبحسب المصدر، فقد عرض الفرنسيون أن يتصل الطرفان، كلاهما بالآخر، على غرار ما حصل بين روحاني والرئيس السابق باراك أوباما بعد انتهاء الجمعية العامة للامم المتحدة عام 2013 إذا كان اللقاء متعذراً.

وأفاد بأن الفرنسيين أكدوا أن ترامب وافق على قيام أوروبا بتفعيل نظام «الإنستكس» للتعامل التجاري مع إيران، برأسمال 15 مليار يورو، شريطة عقد القمة، على أن تشرف واشنطن على كل التعاملات التي يجب أن تحترم العقوبات.

ولفت إلى أن مستشاري روحاني طلبوا منه تأجيل إعلان الخطوة، لكن مجلس الأمن كثف ضغوطه ووصل الأمر إلى تدخل المرشد الأعلى علي خامنئي الذي أصدر أوامره للحكومة بإعلان تلك الخطوة وتنفيذها، مهدداً بأنه سيعلنها بنفسه إذا استمرت في التملص.

وشدد المصدر على أن الحكومة لم تعلن «الخطوة الثالثة»، كما وردت في قرار المجلس، بل خففتها واكتفت بالتهديد بـ»تحضير الأرضية» لإمكانية تخصيب اليورانيوم بشكل سريع جداً والوصول إلى نسبة 20%.