«غيستابو» للجميع
أصبحت الحكومات رهينة للغيستابو الذي تفنن في تجاوز أي معارضة أو احتجاج، فإن وجدوا أن الحاكم بدأ يصغي لأي احتجاج افتعلوا من الأحداث ما يعيد الحاكم إلى صوابه والعودة لأحضانهم للحماية من ناحية، وللبطش بما دبروه من أعداء كي تخلو لهم الساحة من ناحية أخرى.
![علي البداح](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1593278909455486500/1593278938000/1280x960.jpg)
في بعض هذه الدول لا يرشح شخص لانتخابات نيابية أو مهنية أو يترقى إلى منصب إلا إذا كان الغيستابو راضيا عنه، وحين ينجح في الانتخابات يظل تحت السمع والبصر، ليتأكدوا من ولائه لهم قبل ولائه للأمة. أصبحت الحكومات رهينة لهذا النظام، وتفنن الغيستابو في تجاوز أي معارضة أو احتجاج، فإن وجدوا أن الحاكم بدأ يصغي لأي احتجاج افتعلوا من الأحداث ما يعيد الحاكم إلى صوابه والعودة لأحضانهم للحماية من ناحية، وللبطش بما دبروه من أعداء لتخلو لهم الساحة من ناحية أخرى.ما زاد من نفوذ الغيستابو العالمي أن الدول التي كان يقال عنها ديمقراطية خضعت تماما لسلطة الغيستابو وصارت تعلن جهارا موافقتها، بل إصرارها على نشر كل وسائل التجسس الداخلية، وصارت كل محادثات التلفونات ووسائل التواصل الاجتماعي والخاص مراقبة ليلا ونهارا أمام عشرات الحجج التي ابتدعها الغيستابو لإخافة الأنظمة من أعداء وهميين أو مختلقين قام الغيستابو نفسه بخلق غالبيتهم.غادر هتلر هذه الدنيا، وترك لنا إرثا كانت كل الدول تستهجنه، وجاءت في النهاية وتبنته وطورته، فأصبح همّ كل الناس والعبء الأكبر أمام أي شعب من شعوب العالم.تدرون ما الذي يقضي على الغيستابو وينهي دوره؟ حل واحد لا بديل له: نزع الخوف من النفوس والتصرف بحرية وكأن الغيستابو غير موجود، وهذا يتطلب عملا جماعيا، فأي دولة أو نظام يستطيع الزج بعشرات أو مئات الأشخاص في السجون لكنه سيرتدع لو مارس الآلاف حريتهم بكل شجاعة، واستمروا في احتجاجهم على كل مظاهر الفساد والانحراف وتدخلات الغيستابو في حياتهم، إذ يستطيع أي نظام هزيمة عدد محدود من رعيته لكنه لا يستطيع هزيمة الأغلبية.