العلوم الإنسانية هي المعنية بالإنسان وفكره كالتاريخ والفلسفة والأدب، والعلوم المساندة لها هي العلوم الاجتماعية والجغرافيا والعلوم السياسية والآثار، ومع تطور العلوم تزداد الحاجة إلى تقاربها وتفاعلها، وإن العلاقة بين الطرفين علمية وثقافية وعضوية ودائمة، ولا يستطيع أصحاب التخصص في العلوم الإنسانية والعلوم المساندة الفصل بينها لأن كلاً منها يحتاج إلى الآخر، لا بل أكثر من ذلك بين العلوم الإنسانية والعلوم البحتة. إن أصحاب هذه التخصصات يشتركون في الرجوع إلى مصادرها، ولا يستغني مثلاً الباحث في التاريخ عن المكان الجغرافي، كما لا يستغنيان كلاهما عن البعد السكاني الاجتماعي وهكذا، ومصطلح العلوم الإنسانية هو المعني كما ذكرنا بالإنسان وفكره، وهذه شاملة لا تقتصر على مجال دون آخر، لكن المتعارف عليه هو العلوم المعنية بفكر الإنسان كالأدب والتاريخ والفلسفة وغيرها.
ونضطر أحياناً في أبحاثنا أن نخوض في مجالات علمية مساندة بشرط ألا نفقد بوصلة تخصصنا الرئيسي منهجياً، فمثلاً عندما نعالج قضية (المياه العربية) نتحدث عن التاريخ والجغرافيا والقانون والأنثروبولوجي والجيولوجيا والسياسة... إلخ. وتتدرج العلوم المساندة حسب مدى صلتها بالموضوع المبحوث، ولا نستغرب إن وجدنا باحثاً يخوض في موضوعات عامة، ولا يحصر نفسه في إطار تخصصه الضيق فقط. ويمكن إيراد أمثلة أخرى مثلاً عندما نبحث في ظاهرة (بدون جنسية) نتكلم عن تاريخ الظاهرة، وجغرافية مكانها، وآثارها الاجتماعية والسياسية، والجانب القانوني للظاهرة، وعندما نتكلم عن النفط نتكلم عن تاريخه، وأثر عائداته الاقتصادية والاجتماعية وتصنيع مشتقاته... إلخ. وفي المحصلة النهائية لكل علم علوم مساندة، فذلك يعني أن الباحث في أحدها عليه أن يقرأ جيداً العلوم المساندة لتخصصه، وقد يجيد البعض في العلوم المساندة بمستوى أدائه في مجاله، وذلك البعد ليس ترفاً أو عجزاً، إنما معرفة وثقافة حسب اجتهاد الباحث، وذلك لا يعني الخوض في كل شيء، فنحن في عصر التخصص الدقيق. أردنا اليوم الخوض في هذا الموضوع، فأصحاب هذا المجال لهم حق علينا بإلقاء الضوء عليه، نعم نحن في عصر الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، ولكن تبقى العلوم الإنسانية مهمة لخلق التوازن بينهما، وما أحوجنا إلى ذلك مع سرعة وتيرة الحياة بأن نتأمل مفهوم العلوم الإنسانية وأخواتها.
مقالات
العلوم الإنسانية وأخواتها
11-09-2019