High Light: يكفي «تحلطم» يا سادة
"الشعب الذي ينتخب الفاسدين والانتهازيين والمحتالين والنهابين والخونة، لا يعتبر ضحية بل شريكاً في الجريمة".(جورج أورويل).نعم نحن شركاء في الجريمة، أليست هذه خياراتنا التي تمخضت عن مجلس انبطاحي؟! وعليه لابد أن نعترف في ذلك ونتوقف فوراً عن "التحلطم" والنقد الذي لا فائدة منه، ونبحث بجدية عن طرق تنمية الوعي السياسي لدى المواطن الكويتي، وهذا يتطلب بالضرورة تشخيص واقعنا السياسي الذي مر بمنعطفات خطيرة أهمها الإقصاء القسري للنخبة السياسية بالنفي على خلفية مواقفهم المعارضة لممارسات السلطة الخاطئة، ولا سيما قضيتي الإيداعات والتحويلات المليونية.
هذا المناخ غير الصحي ساهم في تراجع قضية الوعي السياسي لمعدلات مخيفة، فالديمقراطية ليست مجموعة من الأفكار والمبادئ والقيم تكتب في دستور فقط، إنما هي ممارسة وسلوك مجتمع لتلك القيم، لذلك يعتبر الوعي السياسي للمجتمع الكويتي هو الأساس في التطبيق الفعلي للديمقراطية، فالواقع يثبت عكس ذلك، والتصويت لا يتم لمصالح الدولة العليا، بل يمنح على خلفية الاتصال بقوة العصبية القبيلة والانتماء العرقي والمذهبي، وما إلى ذلك من الإغراءات المادية كشراء الأصوات وكسب الولاءات من خلال إنجاز المعاملات.إن الكويت تحتاج إلى مواطنين لديهم وعي سياسي يؤهلهم لمواجهة التحديات، سواء كانت داخلية أو خارجية، والمسؤولية بالطبع تتجاوز مسؤولية السلطة إلى كل المهتمين بالشأن العام، من مؤسسات مجتمع مدني ونشطاء مستقلين ورجال إعلام ومواطنين، فالكل مدعو إلى طرح السؤال عن دوره في المساهمة في تشكيل هذا الوعي.ختاما:إن تأثيرات العصبية القبيلة والمذهبية وإغراءات المال والوجاهة الاجتماعية هي نتاج التراجع المخيف في معدلات الوعي السياسي الذي يعيشة الناخب الكويتي، فالمسؤولية تقع على عاتق النخب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وكل من يهمه تطور الديمقراطية الكويتية، من أجل صناعة مناخ سياسي راق فضاؤه يسع الجميع، وينتصر للعقل وإرادة الناخب، على أن تبتعد الحكومة عن التدخل في سير العملية الانتخابية، ومن غير مصالحة وطنية شاملة تختفي معها كل الأحكام والملاحقات السياسية على خلفية الآراء السياسية، يصبح عملنا فيما يتعلق بتنمية الوعي السياسي عملا لا طائل منه. فمتى يحدث ذلك، ودمتم بخير؟!