تعرض أكبر مصنع لمعالجة النفط في العالم ببقيق وحقل نفطي بهجرة خريص في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية لهجومين متزامنين بطائرات مسيرة بدون طيار «درون» مما تسبب في اندلاع النيران بالمنشآتين التابعتين لشركة «أرامكو» أمس. وعادت الحركة إلى طبيعتها في المنشأتين بعد سيطرة السلطات السعودية على الحريقين. وأكد مراسل قناة «الإخبارية» السعودية الرسمية أن صادرات المملكة من المحروقات لم تتأثر، لكن وكالة «رويترز» ذكرت نقلاً عن مصادر أن الهجوم تسبب في تعطل الصادرات.
وصرح متحدث أمني بوزارة الداخلية السعودية، أنه «عند الساعة الرابعة من صباح اليوم، باشرت فرق الأمن الصناعي بشركة أرامكو حريقين في معملين تابعين للشركة بمحافظة بقيق وهجرة خريص نتيجة استهدافهما بطائرات بدون طيار، وتمت السيطرة على الحريقين والحد من انتشارهما».وأضاف المسؤول أن الجهات المختصة باشرت التحقيق في الهجوم لكنه لم يحدّد مصدر انطلاق الطائرات المسيّرة.وتقع بقيق على بعد حوالي 60 كليومتراً جنوب غرب الظهران في المنطقة الشرقية بالمملكة، أما خريص، التي تبعد نحو 200 كيلومتر إلى الجنوب الغربي، فتمتلك ثاني أكبر حقل نفط في البلاد.ويأتي الهجوم بطائرات مسيرة على أكبر بلد مصدّر للنفط في العالم بينما تستعد «أرامكو» العملاقة التابعة للدولة لطرح عام أولي لحصة من أسهمها قريباً. كما يأتي في أعقاب هجمات عبر الحدود على مرافق نفطية سعودية وعلى ناقلات نفط في مياه الخليج.وأصاب الحوثيون حقل الشيبة النفطي أغسطس الماضي ومحطتي ضخ في مايو. وأشعل الهجومان حرائق لكنهما لم يتسببا في تعطل الإنتاج.
أميركا والإمارات
ولاحقاً، دانت الولايات المتحدة الهجوم، وقال السفير الأميركي في الرياض جون أبي زيد، على «تويتر»، إن «الهجمات التي تستهدف البنية التحتية الحيوية والتي تعرض المدنيين للخطر تصرف غير مقبول، وستفضي عاجلاً أم آجلاً إلى فقدان أرواح بريئة».كما استنكرت الإمارات والبحرين ومصر بشدة الاعتداء.تبنٍ وإشادة
في المقابل، تبنت حركة «أنصار الله» الحوثية الهجوم. وتوعد المتحدث العسكري للحوثيين العميد يحيى سريع، بتوسيع نطاق الهجمات في المملكة.وذكر بيان صادر عن القوات المسلحة، التي تسيطر عليها الجماعة المتمردة في صنعاء، أن «سلاح الجو المسير نفذ عملية هجومية واسعة بعشر طائرات مسيرة استهدفت مصفات بقيق وخريص التابعتين لشركة آرامكو، وكانت الإصابة دقيقة ومباشرة، وسميت العملية بعملية توازن الردع الثانية».وأضاف: «تعتبر العملية إحدى أكبر العمليات التي تنفذها قواتنا في العمق السعودي وقد أتت بعد عملية استخباراتية دقيقة ورصد سابق وتعاون من داخل المملكة». وتابع: «نعد أن عملياتنا القادمة ستتوسع أكثر فأكثر وستكون أشد إيلاما مما مضى، ونؤكد أن بنك أهدافنا يتسع يوماً بعد يوم».وفي رد فعل نادر من مسؤول رفيع ببلد ينفي دعم المتمردين اليمنيين، أشاد قائد «فيلق القدس» بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني بـ«صمود الحوثيين» عبر تغريدة على «تويتر».بن سلمان وهادي
إلى ذلك، بحث الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، أمس الأول، مع نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، «جملة من القضايا والمواضيع ذات الاهتمام المشترك».وأفادت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية «سبأ»، أمس، بأن اللقاء الذي انعقد في العاصمة السعودية الرياض، كان بحضور نائب الرئيس علي محسن صالح، ورئيس الوزراء معين عبدالملك.وأشار هادي إلى «التوافق الاستراتيجي الدائم بين اليمن والمملكة تجاه القضايا المصيرية في مواجهة التمدد الإيراني، ودعم اليمن وشرعيته ووحدته وأمنه واستقراره».من جانبه، جدد بن سلمان موقف المملكة الثابت والداعم لليمن وشرعيته الدستورية بقيادة هادي. وأشاد الوزير السعودي بحكمة هادي، وحرصه على الحوار لمعالجة القضايا في مختلف المحطات.وشدد على أن «أمن اليمن واستقراره جزء لا يتجزأ من أمن واستقرار المملكة والخليج».وجاء لقاء تنسيق المواقف في وقت تسعى الرياض إلى عقد حوار بمدينة جدة بين حكومة اليمن والمجلس الانتقالي الجنوبي المسيطر على العاصمة المؤقتة عدن وعدة مدن جنوبية بعد اشتباكات مع قوات هادي.تساؤلات حول جهة انطلاق «الدرون»
ثارت شكوك، أمس، حول قدرة جماعة «أنصار الله» الحوثية المتمردة على استهداف العمق السعودي بطائرات مسيرة «درون» انطلاقاً من الأراض اليمنية، في حين رجّح مراقبون أن الهجوم على منشأتي «أرامكو» بالمنطقة الشرقية تم بعد تواطؤ أطراف خارجية مع الجماعة المتحالفة مع إيران وانطلاقاً من منصة بحرية في مياه الخليج.ويرى متابعون أن استهداف مدينة بقيق الواقعة على الحدود مع البحرين شرق السعودية يحتاج إلى إمكانيات لوجستية وعمليات تنسيق محكمة، بسبب البعد الجغرافي بين الحدود اليمنية والمدينة المستهدفة.وكان الحوثيون استهدفوا في السابق مدينة الدمام المجاورة لبقيق، غير أن الهجمات وقتها كانت باستخدام الصواريخ الباليستية، فيما هجوم الأمس يعتبر أكثر تعقيداً بسبب الحاجة إلى كمية وقود كبيرة لتسيير «الدرون»، إلى جانب ضرورة توفر تقنيات متطورة لتسييرها مسافات طويلة في حال انطلاقها من اليمن. ورغم أن الميليشيات الحوثية عزت نجاحها باستهداف شرق السعودية إلى «تعاون البعض من داخل المملكة»، فإن عدم قيامها باستهداف مناطق غنية بالبترول غربي البلاد يرجح استغلالها لمياه الخليج.الجدير بالذكر أن تقارير سابقة أفادت بأن اعتداء مشابهة استهدف مواقع نفطية جنوب شرق المملكة قرب الحدود الإماراتية وتبنته «أنصار الله» انطلق من الأراضي العراقية.