الميزانية العامة ستبلغ 33 مليار دينار بعد 3 سنوات
إذا استمر نموها بنفس نسبة ارتفاعها في الحساب الختامي للسنة الفائتة
إذا استمر نمو النفقات العامة الفعلية بنفس نسبة ارتفاعها في الحساب الختامي للسنة المالية الفائتة، فسوف تبلغ النفقات العامة بعد ثلاث سنوات نحو 33 مليار دينار.
أفاد تقرير "الشال" الاقتصادي الأسبوعي بأن سلامة نظام التأمين الاجتماعي تعتمد على مراعاة دقيقة لأثر كل سياسة أو قرار مالي على توازن التدفقات المالية الداخلة والخارجة، في الحاضر، والأهم في المستقبل، وتزداد حساسية تلك السياسات والقرارات في الكويت، لأن توازن تلك الصناديق في الحاضر والمستقبل يعتمد بدرجة طاغية على أوضاع المالية العامة. في التفاصيل، وبينما تشمل مظلة التقاعد حالياً نحو 135 ألف مواطن، يبلغ عدد العاملين في الحكومة من المواطنين نحو 335 ألف عامل، يضاف إليهم نحو 100 ألف مواطن عامل في القطاع الخاص، ويبلغ عدد المرشحين إلى سوق العمل من المواطنين حتى عام 2035 نحو 420 ألف مواطن، ومن هم خارج المظلة حالياً، هم مستقبل متطلبات واستقرار النظام.وتوازن صناديق التقاعد يعني ضرورة قدرتها على زيادة تدفقاتها المالية الداخلة لتتمكن على الدوام من ملاقاة احتياجات الزيادة لتدفقات العمالة إلى مظلة التقاعد، مع احتمال ارتفاع تعويض المتقاعد بين فترة وأخرى كلما ارتفعت معدلات التضخم.
وضبط التوازن في جانب التدفقات المالية الداخلة يأتي من مصدرين، الأول، هو اشتراكات العاملين ومعظم مصدرها في الكويت المالية العامة وليس دخلاً من نشاط اقتصادي مستدام، والثاني، هو دخل استثمارات صناديقها والذي لا يفترض أن يقل عن معدل 6 في المئة سنوياً.وضبط التوازن في جانب التدفقات الخارجة، يأتي من الحرص على العدالة بين الأجيال، بمعنى ألا ينحاز التعويض لمصلحة جيل لأن لديه سلطة اتخاذ قرار بما يسبب عجزاً يدفع ثمنه باهظاً متقاعدو المستقبل. ونظام التأمينات الحالي في الكويت مصاب من أكثر من مصدر، فالمالية العامة منهكة بسبب سوء إدارة الجيل الحالي لها، ودخل استثمارات صناديق التأمينات ضعيف بلغ 5.68 في المئة للسنة المالية 2017/2018، وهبط إلى 3.97 في المئة للسنة المالية 2018/2019، إلى جانب فسادها الضخم في الماضي القريب. ولعقاب مسؤولي الحكومة ومسؤولي التأمينات على ذلك الأداء، انفلتت سياسات شعبوية لشراء الود السياسي لمتقاعدي الجيل الحالي بما يبيع استقرار وأمان كل متقاعدي المستقبل، وسيكون ذلك العقاب قاسياً وسريعاً لهم، إن لم يصلح حال المالية العامة.وآخر تقرير حول حجم العجز الكتواري والذي قدم الأسبوع قبل الفائت والمعد من جهة مستقلة، قدر حجم ذلك العجز بنحو 17.4 مليار دينار، أو نحو 11 في المئة من قيمة احتياطي الأجيال القادمة، ولعل ما هو صادم تلك الطفرة في حجم ذلك العجز البالغة نحو 90 في المئة، أو 8 مليارات دينار، وفي ثلاث سنوات فقط. وحال المصدر الرديف أو الداعم، أي المالية العامة، ليس أفضل بعد إصابة أسعار النفط بما يفترض بأنه وهن دائم، ولأول مرة منذ ربع قرن تقريباً، يصدر الحساب الختامي للسنة المالية 2018/2019 بمصروفات فعلية أعلى بنحو 13.5 في المئة عن السنة المالية السابقة لها. ولمجرد التحذير، حتى وإن كان من المستحيل تحققه على أرض الواقع، لو حققت السنوات الثلاث القادمة زيادة في العجز الاكتواري مماثلة لما تحقق في السنوات المالية الثلاث الفائتة، أي 90 في المئة، سوف يبلغ العجز الإكتواري 33 مليار دينار.ولو استمر نمو النفقات العامة الفعلية بنفس نسبة ارتفاعها في الحساب الختامي للسنة المالية الفائتة، فسوف تبلغ النفقات العامة بعد ثلاث سنوات نحو 33 مليار دينار، ذلك فقط مؤشر على كوارث المستقبل المحتملة، وذلك ليس تآمراً من أحد، وإنما صناعة مؤسسية محلية، أبطالها جناحا الإدارة العامة، التنفيذي والتشريعي.المؤسسات في نهاية المطاف لا يصنعها ويحقق أهدافها مبنى وهيكل تنظيمي وموازنة، وإنما يصنعها بشر مخلصون لوطن باقٍ بعدهم، تحكم سياساتهم أهداف عامة نبيلة. ما صنع من المؤسسة العامة للتأمينات الإجتماعية في الماضي مثال يحتذى، ليس ضخامة المكونات الثلاثة الأولى، أي مبنى وهيكل تنظيمي وموازنة، وإنما تلك النوعية المميزة من البشر التي أسستها وحكمت نظمها وقيمها، رحم الله "حمد الجوعان" و"مشاري العصيمي"، كم نفتقدهما.