خبر "جريدة السياسة" الخميس الماضي يجب التوقف عنده ونبش ما وراءه، لعل الناس يدركون حجم الفساد والرياء في الإدارة السياسية بالدولة، فساد لا يبدو في النهاية أن هناك مَن يقف ويضع حداً له أو يخفف من حجمه، مادام الثابت أن حاميها حراميها، كما نقول في المثل الشعبي.خبر السياسة يذكر أن صاحب حساب "عتيج المسيان" في "تويتر" الذي كان (ربما) يقوم بتنفيذ مأمورية تصفية حسابات بين مسؤولين كبار حسب طلباتهم، اعترف بأنه على علاقة مع ضابط قيادي في وزارة الداخلية يتستر عليه، ومن دون تفكير زائد يظهر أن هناك مقابلاً مادياً يتسلمه "عتيج المسيان" من صاحب المصلحة مقابل حملات تغريدات ردح ضد مسؤولين محددين ينفذها "العتيج" حسب الأوامر. النيابة استدعت الضابط القيادي، وحققت معه، وأخلت سبيله بكفالة مالية، ووزير الداخلية أحال الضابط إلى ديوان الوزارة بعد إيقافه عن العمل.
صراحة، أشعر بالتعاطف مع هذا الضابط القيادي، ولعل هذا التعاطف نابع من هم نفسي مصدره الإحساس بالعدالة الناقصة، مصحوباً بمشاعر مرارة وحسرة حين يتم التضحية بالصغير لحماية الكبير، وهذه قاعدة مستقرة في "وطني حبيبي وطني الأكبر" العربي، وطن يسوده غياب المؤسسات السياسية والقانونية المستقلة التي تحاسب الكبير قبل الصغير أمام حكم القانون. وربما، أيضاً، هذا الشعور بالتعاطف نابع من يقين قانوني أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم نهائي، وحتى الوصول إلى الحكم النهائي تثور أسئلة محددة يمكن طرحها، مثل، ما مصلحة ضابط "قيادي" يبدو مستور الحال في التستر على مغرد مسيء إذا لم يكن هناك أي علاقة عائلية أو اجتماعية تربطهما؟ وهل كان فعل "التستر" (أو ربما الدفع بعمولات لمخالب القط) بمبادرة ذاتية من الضابط القيادي أم أن هذا الضابط كان يقوم بعمله بناءً على أوامر صادرة من جهة عليا؟نريد ضمير العدالة– كما يقولون- أن يستريح ولو مرة واحدة حين يصل سيف الاتهام إلى الكبار المتربعين على الكراسي العالية، ننتظر أن تتواصل التحقيقات الجادة في القضية، وتتسع دائرتها لتصفي رؤوس الفساد واستغلال المنصب العام لتثبيت السلطة واستغلالها للمصالح الخاصة. لن نقتنع أبداً بحكاية ضابط قيادي متهم "يبادر من تلقاء ذاته" بـ "التبلي" على أفراد محددين في السلطة عبر صاحب حساب وهمي.هذه ليست قضية "عتيج المسيان" وليست مسألة الضابط القيادي الذي يراد تحميله كامل المسؤولية الجزائية، بل هي قضية أزمة فساد كبيرة وصراع سلطوي تستغل فيه أتفه وأسوأ الوسائل لضرب الآخرين المنافسين، في زمن تحاصر فيه الدولة تحدياتٌ كبيرة وخطيرة من الداخل والخارج، فلماذا يتم إغراق وعي الناس بهذا الكم من السخف وتلك الحماقات السياسية؟... كفى.
أخر كلام
أين الرأس؟
15-09-2019