«رئاسية» تونس تصدم الإسلاميين والطبقة السياسية
أكاديمي متقاعد محافظ بلا تجربة حزبية يتصدر الدورة الأولى
تلقت آمال حركة النهضة الإسلامية التونسية في الوصول إلى قصر قرطاج الرئاسي ضربة مهينة، مع حلول المرشح الأول في تاريخها عبدالفتاح مورو في المرتبة الثالثة، بالدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية، خلف الأكاديمي المتقاعد قيس سعيد، الذي لم يكن وارداً في الحسابات كمنافس جدي، ورجل الأعمال وقطب الإعلام الموقوف في السجن نبيل القروي.وبانتظار النتائج الرسميّة، أفضت الدورة الأولى من الانتخابات المبكرة إلى انتقال سعيد والقروي إلى الدورة الثانية، على حساب منافسي تحالف النظام الحاكم منذ ثورة ٢٠١١، مثل وزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي، الذي حلّ رابعاً، ثم الخاسر الأكبر رئيس الحكومة يوسف الشاهد، فضلاً عن مرشح «النهضة»، الشريكة الرئيسية في جميع الائتلافات الحكومية منذ انهيار نظام زين العابدين بن علي.وفي ظل تدني نسبة الإقبال على التصويت، التي بلغت 45%، مقارنة بـ 63% عام 2014، تسلط النتيجة الضوء على الإحباط الواسع النطاق من ضعف الاقتصاد وارتفاع البطالة وتردّي الخدمات العامة وتجذّر الفساد.
وحقق سعيد، الذي تقدم إلى السباق الرئاسي بعد جمعه تزكيات شعبية ورفض أي تمويل حزبي أو عمومي، قفزات مذهلة في استطلاعات رأي خلال الفترة الانتخابية، ووجّه يوم الاقتراع الضربة القاضية لمنافسيه.وعلى عكس المرشحين الرئيسيين على الورق، لم تحظَ الحملة الانتخابية لسعيد بأي بهرجة أو علامات تعبئة في الشوارع، بل تميزت بالتقشف والحد الأدنى والعمل التطوعي. وظهر سعيد أساساً في المنابر الإعلامية كرجل قانون متخصص بعد ثورة 2011 لشرح معضلات دستورية، ولكن ذاع صيته بإتقانه المبهر في التواصل باللغة العربية مستعيناً بصوته الجهوري.ويعتبر سعيّد محافظاً، فقد أثار جدلاً في وقت سابق من العام، عندما قال في مقابلة صحافية إن «المثليين يتلقون تمويلات من الخارج لإفساد الأمة الإسلامية»، في وقت وصف نشطاء هذه التصريحات بأنها «رجعية» وتمثّل «استهدافاً للأقليات الجنسية».كما رفض سعيد قانون المساواة في الميراث الذي كان يرعاه الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي، معتبراً وقتئذ أن «تونس دولة دينها الإسلام حسب النص الدستوري».ووصف نتائج استطلاعات خروج الناخبين من مراكز الاقتراع التي أظهرت حصوله على معظم الأصوات، بأنها «ثورة ثانية»، مؤكداً أن «ما حصل يحمّلني مسؤولية كبرى لتحويل الإحباط إلى أمل».ويمثل فوز سعيد، ونبيل القروي، الذي اعتبر نجاحه انتصاراً على تسييس القضاء، تحولاً كبيراً ودرامياً في المشهد السياسي، الذي برز في أعقاب الانتخابات الأولى إبان الثورة عام 2011، ولطمة للأحزاب السياسية الكبرى.