الحسابات الوهمية... مجدداً!
إدارة الجرائم الإلكترونية هي المعنية برقابة وسائل التواصل الاجتماعي، ورغم عمرها القصير فقد أحالت مئات الحالات من الأنشطة الإلكترونية والتعبير من خلالها عن الرأي إلى التحقيق والقضاء، وأسفر ذلك عن صدور أحكام نهائية قاسية بحق العشرات من المواطنين، كما تسببت في ظهور حالات الهجرة واللجوء السياسي للخارج لمجرد تغريدة.
يثير خبر إحالة مدير إدارة الجرائم الإلكترونية للتحقيق وتوقيته الزمني العديد من التساؤلات الخطيرة بصرف النظر عن اتجاه التحقيق الذي ينحصر في إما بطلان التهم الموجهة إليه وإما المضي في الإجراءات القانونية والقضائية، والتي تقع بدورها إما في احتمالي البراءة أو الإدانة، وكل هذه الاستنتاجات تضعنا أمام واقع إدارة شؤون البلاد والعباد بشكل عبثي في ظل الرقابة المعدومة من السلطات الرقابية وخاصة مجلس الأمة الأبكم والأخرس.إدارة الجرائم الإلكترونية هي المعنية برقابة وسائل التواصل الاجتماعي، ورغم عمرها القصير فقد أحالت مئات الحالات من الأنشطة الإلكترونية والتعبير من خلالها عن الرأي إلى التحقيق والقضاء، وأسفر ذلك عن صدور أحكام نهائية قاسية بحق العشرات من المواطنين تجاوز بعضها العمر الافتراضي للإنسان، كما تسببت في ظهور حالات الهجرة واللجوء السياسي للخارج لمجرد تغريدة كبلتها يد القوانين الجائرة بحق الحريات العامة، والأمر المهم أنه إذا كانت هذه الإدارة التي وضعتها الحكومة في دائرة الاتهام هي المسؤولة عن نتائج ما لحق بالناس ممن ضاع مستقبلهم وأودعوا خلف القضبان، فهذا أمر يثير الريبة والشك ويلزم المحاسبة الشديدة عليه، فحياة الناس يفترض أن تكون محصنة وتتمتع بالكرامة والاحترام.
وأما أن تكون الإدارة نفسها هي ضحية أخرى سوف تتجرع السم من الكأس نفسها التي أشربتها عباد الله، بل إن تبعات التهم الخطيرة لهذه الإدارة سوف تكون وخيمة وتهدد أمن الدولة ومؤسساتها، خاصة ما يتم الترويج له بأن الكثير من الحسابات الوهمية التي تجسّد حالة نشر الغسيل بين جبهات أو شخصيات مسؤولة في البلاد بمن في ذلك أطراف في السلطة قد أنشئت برعاية أو دراية من جانب إدارة الجرائم الإلكترونية، ولم تنفجر قنبلة إحالة المسؤول المباشر عن هذا الجهاز إلى التحقيق إلا بعد أن بدأت سلسلة الفضائح تنال بعض المتنفذين وأصحاب المال والمصلحة، ومن يتحكم في وسائل الإعلام التقليدية، وإن صحت هذه التكهنات نكون أمام كارثة سياسية أخرى تتمثل باختراق أهم مؤسسات الدولة وأجهزتها الحساسة من قبل أطراف لا تملك أية سلطات رسمية سوى النفوذ والمصالح الخاصة.وثمة احتمال ثالث بأن ما يجري هو مجرد مسرحية جديدة غايتها تمرير حزمة أخرى من القوانين المقيدة للحريات وإغلاق آخر متنفس للتعبير عن الرأي للمواطن العادي من خلال تكميم أفواه التواصل الاجتماعي، وإن كان ذلك على حساب بث الرعب في قلوب الناس، الأمر استمرأته الحكومة والمجلس القابع في جيبها.بالتأكيد يجب انتظار القرار النهائي للمحاكم للفصل في الاتهامات الجديدة ليكون الموقف عند ذلك يتناسب مع الأحكام، ولكن ما تم سرده وتحليله يتماشى مع الحالة البائسة في انعدام الثقة بالكثير من أجهزة الدولة، وتحويل حتى المسؤولين إلى مجرد أدوات لأصحاب النفوذ ومن ثم التخلص منهم بكل أشكال الإهانة!