حدود الحرية في مرمى المجتمع
الضرر الحقيقي على المجتمع لن يقف مادام هناك برلمان غير فاعل ونائب تتضخم أرصدته، وناخب ينوح بالليل ويهرول وراء مصالحه الشخصية في النهار، وحكومة تكرس مفهوم الواسطة والترضيات وتلعب على سياسة فرق تسد.
من الطبيعي أن يرفض المجتمع سياسة تكميم الأفواه التي يحاول البعض فرضها عليه، ومن هنا تأتي أهمية إدراك المجتمع مواكبة التطور الهائل والسريع في إيصال وتبادل المعلومات بعد أن أصبح الحصول عليها بمتناول اليد بواسطة انتشار محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية، ومن هنا أيضاً تأتي أهمية توجيه أفراده بتوعيتهم من خلال اتباع الطرق الصحية للوصول إلى الحقيقة والتمييز بينها وبين الإشاعة، فما بين الحق والباطل إلا أربعة أصابع.قد تتفاوت وتختلف مساحة الحرية من مجتمع لآخر بحسب الثقافة والأعراف الاجتماعية والدينية والعادات والتقاليد التي تربى عليها، حيث في الغالب تنصهر هذه القيم لتشكل وتحدد مسار الحريات، ومن هنا يظل المجتمع مسؤولا باعتباره الضامن وله السلطة المطلقة في وضع القوانين التي تحميه وتحمي أفراده من الخطر بسبب سوء تصرفهم. للأسف الحكومة تريد إصدار قانون يجرم الحسابات الوهمية، وهي وفي المقابل تتعامل معها وتتفاعل مع أخبارها، فكم من موضوع طرح من خلال هذه الحسابات تجد أعضاء الحكومة من وزراء وقياديين أول من يتفاعل ويرد عليها وكأنها فرض عين عليهم، في حين يصدّ هؤلاء المسؤولون الباب عن المواطن العادي ويفتحه على مصراعيه لتلك الحسابات.
كل هذا غير مهم متى ما أدرك المجتمع أن أغلب هذه الحسابات ستموت، وينتهي مفعولها مع الوقت، والمجتمع قادر على تجاوزها، وستصبح من الماضي، لكن الخطورة الحقيقية تكمن في الحسابات الطائفية التي يقوم عليها أشخاص معروفون وبالاسم، ولهم مكانة اجتماعية ومريدون ممن أعمت قلوبهم الطائفية حتى تخيل للبعض وصايتهم على الدين وأنهم الطائفة الناجية من النار وغيرهم فيها. شخصياً لم أعد أكترث بتلك الحسابات ومع مكافحتها سواء بالقانون أو من خلال الترفع عن متابعتها، فكما ذكرت بالمقال السابق بأن هذه الحسابات لا يمكن أن تكون عفوية أو أنها حريصة على كشف الفساد، فالفساد لا يحارب بهذه الطريقة، ومكافحته يجب أن تنطلق برفع سقف حرية التعبير، ومن خلال إصلاح المسار الإداري والمالي وقانون نافذ يخضع له الغني قبل الفقير.الضرر الحقيقي على المجتمع لن يقف مادام هناك برلمان غير فاعل ونائب تتضخم أرصدته، وناخب ينوح بالليل ويهرول وراء مصالحه الشخصية في النهار، وحكومة تكرس مفهوم الواسطة والترضيات وتلعب على سياسة فرق تسد.باختصار وكما ذكر الأخ الفاضل يوسف الملا الخبير الأمني، إن التخلص من الحسابات الوهمية لن يكون بواسطة تشريع بقانون بعيد عن الواقع، ومن المستحيل السيطرة على تلك الحسابات، فمن يتم إيقافه هم الأغبياء فقط، أما الأذكياء، وأضيف إلى كلمة أذكياء وبتصرف من عندي الخبثاء، فسيضحكون على هذا القانون، ومحاولة متابعتهم صعبة وتحتاج إلى تقنيات فنية عالية ومكلفة في الوقت نفسه. ودمتم سالمين.