في وقت تتواصل تحقيقات تجريها المملكة لتحديد مصدر انطلاق الهجوم الذي تم بأسلحة إيرانية واستهدف منشآت نفطية تابعة لشركة «أرامكو» في بقيق وخريص السبت الماضي وتبنته جماعة «أنصار الله» الحوثية، أكد العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، خلال ترؤسه جلسة لمجلس الوزراء أمس، قدرة المملكة على التعامل مع الاعتداءات الجبانة.وشدد الملك على جاهزية الرياض للتعامل مع آثار تلك «الاعتداءات الجبانة التي لا تستهدف المنشآت الحيوية للمملكة فحسب، إنما تستهدف إمدادات النفط العالمية، وتهدد استقرار الاقتصاد العالمي».
وأعرب عن شكره وتقديره لقادة الدول الشقيقة والصديقة ومسؤولي الدول والمنظمات الإقليمية والدولية وكل من عبر عن الإدانة للاعتداء التخريبي الذي تسبب في توقف 5% من امدادات الطاقة العالمية.من جهته، جدد مجلس الوزراء السعودي تأكيد أن «الهدف من العدوان التخريبي غير المسبوق الذي يهدد السلم والأمن الدوليين موجه بالدرجة الأولى لإمدادات الطاقة العالمية وأنه امتداد للأعمال العدوانية السابقة التي تعرضت لها محطات الضخ لشركة أرامكو باستخدام أسلحة إيرانية».وأكد المجلس أن «الاعتداء على أكبر وأهم معامل معالجة الزيت الخام في العالم، هو امتداد للاعتداءات المتكررة التي طالت المنشآت الحيوية، وهددت حرية الملاحة البحرية، وأثرت على استقرار نمو الاقتصاد العالمي». وشدد على أن «المملكة ستدافع عن أراضيها ومنشآتها الحيوية، وأنها قادرة على الرد على تلك الأعمال أياً كان مصدرها، وتهيب بالمجتمع الدولي أن يقوم بإجراءات أكثر صرامة لإيقاف الاعتداءات السافرة».
آثار جسيمة
واطلع المجلس على ما عرضه وزير الطاقة عن الآثار الجسيمة التي نتجت عن ذلك الاعتداء.وبحسب ما اطلع عليه المجلس، أدى الهجوم، حسب التقديرات الأولية إلى توقف كميات من إمدادات الزيت الخام تقدر بنحو 5.7 ملايين برميل، إضافة إلى توقف إنتاج كميات من الغاز المصاحب تقدر بنحو ملياري قدم مكعبة في اليوم، وانخفاض حوالي 50% من إمدادات غاز الإيثان وسوائل الغاز الطبيعي.معلومات وتضليل
وفي وقت يستعد وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو لزيارة الرياض لمتابعة تحديد مصدر الهجوم الذي أعلنت وزارة الخارجية السعودية مساء أمس الأول أنه نفذ بسلاح إيراني، نقلت شبكة CNN الأميركية عن مصادر مطلعة قولها إن واشنطن ابلغت المملكة أن إيران تقف وراء الهجوم.ونقلت الشبكة الأميركية عن مصدر مطلع القول إن الهجوم نفذ بصواريخ كروز انطلقت من قاعدة إيرانية قرب الحدود العراقية، وأن الصواريخ اطلقت فوق العراق والتفت فوق الكويت قبل أن تصل إلى هدفها في المنطقة الشرقية بالسعودية بهدف التضليل، مضيفة أن صواريخ سقطت سليمة ويمكن التحقق من مصدرها.لا حرب
من جهته، رجح الرئيس الأميركي دونالد ترامب وقوف إيران وراء الهجوم على منشأتي «أرامكو»، مضيفاً: «كان ذلك هجوما على المملكة، وليس هجوما علينا، ولكننا بالتأكيد سنساعدهم، إنهم حليف عظيم».وجاء حديث ترامب بعد وقت قصير من إعلان وزير دفاعه مايك إسبر أن الجيش الأميركي يعد لرد على هجمات السعودية، معقبا بأن واشنطن «ستدافع عن النظام الدولي الذي تعمل إيران على تقويضه».تخوف «الناتو»
في المقابل، دعا الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ من بغداد «كل الأطراف إلى منع وقوع هجمات من هذا النوع، لأن تداعياتها السلبية قد تنعكس على مجمل المنطقة، ونشعر بقلق بالغ ازاء احتمال التصعيد».وفي القاهرة، استحوذت الأوضاع الملتهبة في منطقة الخليج على صدارة المباحثات التي أجراها وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان أمس مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ووزير الخارجية سامح شكري.وأشار لودريان الى أن فرنسا لا تملك أدلة تشير إلى موقع انطلاق الهجمات على السعودية.رد جماعي
في موازاة ذلك، ذكر المتحدث باسم رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون أنه اتفق مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل على ضرورة العمل مع الشركاء الدوليين لصياغة رد فعل جماعي عالمي على الهجوم.وأضاف المتحدث أن الزعيمين اتفقا على ضرورة خفض التصعيد في المنطقة وعبرا عن التزامهما بنهج مشترك تجاه إيران.رفض خامنئي
في المقابل، استبعد المرشد الايراني الأعلى علي خامنئي إجراء أي مفاوضات مع الولايات المتحدة، في ظل تصاعد التوتر بين البلدين، مشددا على أنه إذا «تابت واشنطن وعادت إلى الاتفاق النووي، فسيكون بإمكانها عندئذ إجراء محادثات مع إيران، إلى جانب الأطراف الأخرى في الاتفاق».طهران تلتف على «سويفت» عبر روسيا
في خطوة تهدف للالتفاف على العقوبات الأميركية، أعلن محافظ البنك المركزي الإيراني عبدالناصر همتي ارتباط مصرفي بين البنوك الإيرانية ونظيرتها الروسية بعيداً عن مجموعة العمل المالي الدولي «سويفت». وقال همتي، مساء أمس الأول، إن الارتباط تم عبر نظامي الرسائل الروسي و«سبام» التابع للبنك المركزي الإيراني.كما أشار إلى انضمام إيران للاتحاد الاقتصادي الأوراسي، مؤكداً امكانية الإفادة من هذا النظام لتنفيذ التبادل التجاري بين دول أعضاء الاتحاد، روسيا وروسيا البيضاء وكازاخستان وأرمينيا وقرغيزستان، حيث من شأن ذلك أن يسهم بتوسيع التبادل بين الجانبين. وأضاف أن اجتماع الرئيس حسن روحاني ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في أنقرة أخيراً تم خلاله بحث القضايا المصرفية وسبل تطويرها، حيث أشارا إلى التراجع التدريجي لدور الدولار في العلاقات الاقتصادية الدولية ولضرورة تنفيذ التبادل البيني عبر العملتين الوطنيتين الريال والروبل.من جهته قال مساعد الرئيس الروسي للشؤون الدولية، يوري أوشاكوف إن «البلدين يتطلعان أن يكون النظام البديل لنظام لسويفت حلال لتوسيع المدفوعات المباشرة واستخدام العملات الصعبة».