مع استعداده لنقل مقاليد القيادة، كشف ماريو دراغي عن سلاح جديد للبنك المركزي الأوروبي من شأنه تعزيز قدرته على إنعاش التضخم والنمو وتفادي الركود الاقتصادي في منطقة اليورو، وفق تقرير لـ «التلغراف».الأداة الجديدة التي كشف عنها البنك المركزي الأوروبي هي ما يعرف بـ «أسعار الفائدة المتدرجة»، التي من شأنها تعويض الآثار السلبية الناجمة عن السياسات غير التقليدية الأخرى للمصرف، مثل أسعار الفائدة السالبة، التي أضرت بأرباح المقرضين.
وتقول النظرية إن المستويات المختلفة لأسعار الفائدة ستساعد البنوك على حماية الأرباح وتعزيز قدرتها الإقراضية، في حين تسمح للبنك المركزي بدفع أسعار الفائدة إلى مستويات أكثر انخفاضًا إذا لزم الأمر، فهل ستكون هذه الأداة بمنزلة العلاج الذي انتظرته المنطقة طويلًا؟
ما أهمية التدرج؟
- مع وصول الفائدة إلى النطاق السالب، يدفع المودعون أموالًا نظير إبقاء مدخراتهم لدى البنوك، بدلًا من أن يحصلوا هم على الفائدة.- خفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة على الودائع إلى سالب 0.5 في المئة، مما يعني أن هناك تكلفة على البنوك للاحتفاظ بأموالها الفائضة لديه، وهو أمر يشجع المصارف على إبقاء تكاليف الاقتراض منخفضة للغاية.- مع ذلك، تلقى البنك المركزي الأوروبي 21 مليار يورو (23.3 مليار دولار) من ودائع البنوك في المنطقة منذ فرض فائدة سالبة قبل خمس سنوات، وأشار بحث لـ»جولدمان ساكس» إلى وجود آثار مدمرة محتملة إذا استمر خفض الفائدة دون تدرج.- خلص «غولدمان» إلى أن خفض الفائدة إلى سالب 0.6 سيحد من متوسط أرباح البنوك في منطقة اليورو بنسبة 6 في المئة، في حين أن خفض الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس، سيؤدي إلى تسجيل خسائر لدى ربع المقرضين.- كانت البنوك مترددة إلى حد كبير في تمرير الفائدة السالبة إلى عملائها، خاصة في أعمال التجزئة، وأدى ذلك إلى انخفاض الأرباح والضغط على القطاع الذي يعد شريان حياة الاقتصاد.- دون سياسة التدرج، فإن المزيد من خفض الفائدة دون مستوى الصفر، يعني أن البنك المركزي الأوروبي يخاطر بالوصول إلى مرحلة تصبح فيها السياسة التيسيرية ذات نتائج عكسية، وفق محللين.- سياسة التدرج تحمي البنوك من هذه الضغوط على الأرباح، حيث تعفي المصارف جزئيًا من الرسوم المفروضة على الأموال الزائدة (الاحتياطيات) التي تحتفظ بها لدى البنك المركزي بفعل الفائدة السالبة.- يمكن أن يحدث ذلك بأشكال عديدة مختلفة، لكن البنك المركزي الأوروبي اختار نظامًا من فئتين، واعتبارًا من 30 أكتوبر، سيكون هناك احتياطيات غير معفاة تخضع للفائدة السالبة، إضافة إلى فئة أخرى من الاحتياطيات لن تخضع لأي فائدة (0.0 في المئة).- ويعني ذلك أن نحو 800 مليار يورو، من أصل 1.7 تريليون موجودة لدى البنك المركزي الأوروبي، ستكون معفاة من الرسوم، لكن سيظل أكثر من نصف احتياطيات البنوك خاضعا للفائدة السالبة.- مع ذلك، فإن البنوك لديها جزء رئيسي من نموذج أعمالها تقوضه معدلات الفائدة المنخفضة بشكل قياسي حتى مع وجود نظام ملائم كهذا، وبالنسبة إلى العديد من المقرضين يعد أحد أهم مصادر الأرباح هو الفرق بين أسعار الفائدة طويلة وقصيرة الأجل، لكن هذا الفرق تآكل بفعل الفائدة السالبة.- وفقًا لمصرف غولدمان ساكس، فإن سياسة التدرج خفضت الأثر السيئ لأسعار الفائدة السالبة بمقدار الثلث، لكنها أكدت في النهاية أن المزيد من خفض الفائدة يضر بالأرباح.- لم يتلق النظام الجديد للفائدة ترحيبا من الجميع في منطقة اليورو، وأرسل البرلمان الهولندي خطابًا للبنك المركزي الأوروبي يعرب فيه عن معارضته للقرار.- قال البرلمان في خطابه إن البنوك ستحصل على تعويض جزئي عن أسعار الفائدة السالبة، لكن صناديق التقاعد الهولندية التي تعاني أيضًا، لن تحصل على شيء في المقابل.هل نجح الأمر من قبل؟
- اعتمد نظام الفائدة المتدرجة في دول أخرى خفضت الفائدة إلى النطاق السالب، مثل الدنمارك واليابان وسويسرا، وكانت ظروف بعض هذه الدول مشابهة كثيرًا لمنطقة اليورو.- في سويسرا مثلا ونظرا إلى حجم القطاع المالي، كان البنك المركزي السويسري تحت ضغط لتخفيف أثر انخفاض الفائدة إلى سالب 0.75 في المئة.- يقول الاقتصادي لدى «كابيتال إيكونوميس»، ديفيد أوكسلي: التدرج في الفائدة ساعد البنوك السويسرية بالتأكيد، مقارنة بما إذا لم يقر البنك المركزي أي أداة للتخفيف.- يضيف «أوكسلي» أن الرسوم التي تحملتها البنوك السويسرية جراء الفائدة السالبة كانت ضئيلة مقارنة بالحجم الكبير لإجمالي أصول القطاع المصرفي، لكن الآثار غير المباشرة للفائدة السالبة على البنوك ما زالت تتراكم.- أشار مصرفا «يو بي إس» و»كريدي سويس» أخيرا إلى أنهما سيبدآن فرض رسوم على عملائهما من الأثرياء وكبريات الشركات.