وتيرة التصعيد الأمني وما قد تفرزه من تطورات مفاجئة وسريعة في منطقة الخليج على صعيد المواجهات العسكرية سوف تبقى الهاجس الأول والأهم في المشهد القائم، وخاصة بعد استهداف المنشآت النفطية في المملكة العربية السعودية، وحالة الترقب لن تتأخر أكثر من الإعلان الرسمي والمباشر عن مصدر هذا الهجوم، وإن كانت التهم قد طالت إيران ابتداءً، حيث إن التحقيقات الميدانية وبمشاركة بعض الحكومات الغربية كبريطانيا وفرنسا إضافة إلى المعلن من التقارير الاستخباراتية الأميركية ستشكل سيناريو الرد وتبعاته وحدوده الجغرافية وتماسك العمل الجماعي المشترك.لعل هذا هو الاحتمال الأخطر الذي يستحق التحليل والتقييم، لأن ما دون ذلك من السيناريوهات يبقى محصورا في إطار المساومات السياسية والمفاوضات وفتح الملفات الإقليمية، وعلى رأسها الأزمة اليمنية التي باتت الوحيدة من بين القضايا التي لم تحسم بالمقارنة مع الأزمة السورية والحالة العراقية والفتور الذي ينتاب الوضع في ليبيا والسودان والجزائر.
فقرار الحرب والمواجهة المباشرة مع إيران يجب أن يدرس في منظور استراتيجي شامل قوامه متطلبات نجاحه محلياً ودولياً، لأن الحالة الخليجية اليوم تختلف تماماً عن ظروف ومعطيات الغزو العراقي لدولة الكويت عام 1990، حيث الاحتلال المباشر انتهاك صارخ للقانون الدولي، وأرض المعركة هي الكويت المحتلة، والوضع الدولي يشهد مخاضاً عسيراً تربعت الولايات المتحدة على قمته دون منازع، واستمر التحالف الدولي متماسكاً حتى تحقيق أهداف العمليات العسكرية في إخراج العراق من الكويت تحت مظلة قرارات مجلس الأمن التنفيذية الصادرة بالإجماع، وشمولية التحالف على أهم الأقطاب الدوليين رغم ضعفهم آنذاك كالاتحاد السوفياتي والصين، إضافة إلى أهم دولتين عربتين هما مصر وسورية.إن مثل هذه المعطيات غير متوافرة على الإطلاق، فالولايات المتحدة التي أرسلت قرابة نصف مليون جندي، وساهمت في تمويل ربع تكاليف عاصفة الصحراء غير متحمسة على الإطلاق لدخول حرب مع إيران، بل إنها حصلت على قرابة نصف تريليون دولار من دول الخليج ليعلن بعدها الرئيس الأميركي أنه غير مسؤول عن حماية المنطقةَ! أما بريطانيا فغارقة في مشكلة البريكست والدور الفرنسي لا يتعدى المشاركة الصورية تماماً كما حصل في ضرب أهداف سورية بعد اتهامها باستخدام السلاح الكيماوي، وفي المقابل فإن الدول العربية لا حول لها ولا قوة، وتبقى مصر هي الجيش المؤهل الوحيد لكن قرارها السياسي المصري يحول دون ذلك، والأهم من ذلك فإن دول مجلس التعاون نفسها باتت منقسمة على نفسها وسط انكشافها العسكري بدرجة كبيرة.لذلك يخشى، رغم كثافة التحريض الإعلامي والنفاق السياسي، أن تجد المملكة العربية السعودية نفسها وحيدة أمام سيناريو خطير جداً عندما يتنصل الأميركيون والأوربيون وكثير من العرب من الميدان تماماً كما حصل في الحرب اليمنية!
مقالات - اضافات
من يبقى في الميدان؟!
20-09-2019