نقطة : طلقها وأخذ أختها
إذا كانت أميركا تخدعنا بالتهديد الإيراني لشفط أموالنا فإن إيران هي الأخرى تخدعنا برفع شعارات التحرير وفلسطين والمظلوميات والثارات التاريخية لشفط كل شيء، وإذا كانت أميركا تدعم إسرائيل التي تحتل فلسطين والقدس والجولان فإن إيران تحتل عربستان وشط العرب والجزر الإماراتية وصنعاء وبغداد ودمشق وبيروت، ومنهم من ينتظر، أما إذا كانت إسرائيل قد قتلت وهجرت الفلسطينيين بدعم أميركي فإن من أبادهم بشار الأسد وهجرهم من السوريين بدعم ومشاركة إيرانية أضعاف مضاعفة، فإذا كانت أميركا سكتت عن القمع الإسرائيلي بحق الفلسطينيين فإن إيران أكثر إجراماً بحق شعبها نفسه قبل إجرامها بحق الشعب السوري والعراقي واللبناني، وإذا كانت إسرائيل تمارس الإرهاب فإن إيران لا توزع الحلوى، والتفجيرات والاغتيالات وخطف الطائرات والخلايا ليست هدايانا لعيد الحب، ثم إذا كانت إسرائيل تطمع بأن تتمدد من النيل إلى الفرات كما قيل لنا في المدارس فإن ما نراه اليوم هو امتداد إيراني من الفرات إلى الليطاني، والقادم أكثر إبهاراً كما يبدو، فإذا جاءك بعد كل ذلك أحدهم ليبيعك الوهم، هذا إن لم يكن هو مغفلاً أساساً ومشترٍياً قديماً له وبأغلى الأسعار، وحاول إقناعك بمواقف إيران وضرورة دعمها والوقوف "خلفها" لأنها ستخلصنا من نفوذ أميركا ومن "ربيبتها" إسرائيل وستحرر لنا القدس، وذلك كله طبعاً عقب محاولاته الجادة لإظهار العمق العميق والعلم العليم بخفايا السياسة ودهاليزها التي لا يفهمها إلا هو وفريقه، مع تبهير كلامه بمفردات من قبيل الشيطان الأكبر وقوى الاستكبار العالمي والمستضعفين والهيمنة وبقية مصطلحات كتيب مبيعات الشرق الأوسط المعروف، ليجعلك تؤمن بأن عليك التخلص من مجرم وجلب مجرم آخر بديلاً عنه ليحفظ لنا أمن منطقتنا المغلوبة على أمرها، فما عليك حينئذ إلا أن تحاول التماسك قليلاً وتسعى بجدية لأن توصل له رسالتك بكل هدوء ولطافة، بحيث تقلل من استخدام لغة الإشارة قدر الإمكان لما لها من آثار قانونية وخيمة، وترد كما رد الزوج المغلوب على أمره أيضاً حين قال حكمته الخالدة على مر العصور والأزمان: "الله يلعن الاثنين"... وارتاح.