مع مواراة جثمان رئيسها الأسبق الثرى، أمس، في السعودية، طوت تونس صفحة زين العابدين بن علي بشيء من اللامبالاة، وفتحت ذراعيها أمام حاكم جديد يستعد لدخول قصر قرطاج من بين مرشحين اثنين من خارج المنظومة، هما الأكاديمي قيس سعيّد، الذي يدعو إلى لامركزية وحكم محلي، ونبيل القروي رجل الأعمال وقطب الإعلام الموقوف حالياً.ولم يشكل نبأ وفاة بن علي في المنفى بجدة الاهتمام الأول في نشرات الأخبار ولا في أحاديث أهل تونس التي تستعد أيضاً لانتخاب نواب برلمانها في السادس من أكتوبر المقبل.
ووفق إعلان صغير نشر في صحيفة «لابرس» الحكومية، دفن بن علي أمس في المدينة المنورة، وسيتلقى قسم من أسرته التعازي اليوم في ضاحية سيدي بوسعيد الراقية بشمال العاصمة.وكتب صهره مغني الراب، كريم الغربي، الذي يعيش أيضاً في السعودية في منشور على «إنستغرام»، «اليوم سيتم تشييع جثمان الرئيس الراحل بعد صلاة العصر في المدينة المنورة، وسيوارى الثرى في البقاع المقدسة».وشكر الغربي، الذي أكد في وقت سابق أنّ بن علي «لم يوص بدفنه في تونس»، السعوديةَ لوضعها بتصرّف «كل من يرغب في حضور الجنازة طائرات خاصة من جدة إلى المدينة»، وفق قوله.أما أرملته ليلى الطرابلسي، التي تعيش في جدة مع ابنتيها نسرين وحليمة وابنها محمد، فقد صدرت بحقها أحكام قاسية غيابياً في تونس، بعد إدانتها باختلاس أموال وحيازة أسلحة ومخدرات وقطع أثرية.وصدرت على بن علي أيضاً أحكام عدة بالسجن المؤبد، خصوصا لإدانته بالقمع الدامي لمتظاهرين أثناء ثورة أواخر 2010 وبداية 2011 التي سقط فيها أكثر من 300 قتيل. لكنه لم يمثل يوما أمام القضاء.
طعن ومناظرة
وفي جلسات علنية، بدأت المحكمة الإدارية، أمس، النظر في 6 طعون ضد النتائج الأولية للدور الأول للانتخابات الرئاسية المبكرة تقدم بها 6 من أصل 26 مرشحاً، هم رئيس الحكومة يوسف الشاهد، ووزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي، والمرشحين سيف الدين مخلوف، وناجي جلول، وحاتم بولبيار، وسليم الرياحي.إلى ذلك، أكد عضو هيئة الاتصال هشام السنوسي، أمس الأول، أن المناظرة التلفزيونية بين المرشحين الرئاسيين لن تحصل إذا ما استمر نبيل القروي في السجن، مشيرا إلى توجيه عدة مراسلات لكل السلطات المختصة، بما في ذلك القضاء، من أجل تمكينه بأن يحظى بتغطية متساوية مع منافسه سعيّد في الدور الثاني.وبعد رفض القضاء ثلاث طلبات تقدم بها محامو القروي من أجل الإفراج عنه، طلبت هيئة الانتخابات الخميس من قاضي التحقيق السماح بأي شكل له من أجل أن يتمتع بحظوظ متساوية مع قيس سعيّد، بما في ذلك المشاركة في المناظرة قبل الاستحقاق المتوقع أن يحدد في 6 أو 13 أكتوبر المقبل.دعم وتردد
وفي موقف سيلعب دوراً كبيراً في تحديد هوية الرئيس المقبل، أعلنت حركة «النهضة» الإسلامية، التي حلّ مرشّحها عبدالفتاح مورو ثالثاً، أنها ستدعم سعيّد في الدورة الثانية، مشددة على أنها «اختارت أن تساند خيار الشعب». وحصل سعيّد أيضاً على دعم رئيس الجمهورية الأسبق المنصف المرزوقي، وأعلن كلّ من المرشح الخاسر المحافظ لطفي مريحي، الذي حصد 4.4 في المئة من الأصوات، والمحامي سيف الدين مخلوف المعروف بتوليه الدفاع عن جهاديين، والناشط في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان محمد عبو، تأييدهم لسعيّد.ولا تزال الأحزاب «الوسطية» في حالة تردد في دعم قيس والقروي. وخسرت جل الأحزاب الممثلة في البرلمان، التي تقدم نفسها على أنها «وسطية وتقدمية وليبرالية» السباق الرئاسي، وجاءت نتائج بعض مرشحيها محبطة وكارثية، ولم تتجاوز في بعض الحالات نسبة واحد بالمئة من مجموع الأصوات. وحل أبرز مرشحي العائلة السياسية الوسطية في المركزين الرابع والخامس، وهما وزير الدفاع عبدالكريم الزبيدي بحصوله على 10.73 بالمئة، ورئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد بنسبة 7.3 بالمئة.تدارك الخيبة
وفي مسعى للتدارك الانتخابات التشريعية بعد خيبة «الرئاسية»، دعا حزب «حركة تحيا تونس» بقيادة الشاهد، الزبيدي، الذي دعمه حزب «نداء تونس» الحاكم السابق، لتكوين جبهة انتخابية موحدة.وقالت العضوة بمكتب الأمانة العامة لحزب «تحيا تونس» آمال بالخيرية: «تقدمنا للتشريعية بقائمتنا، لكن الشاهد دعا الزبيدي اليوم للجلوس إلى طاولة الحوار لتوحيد الصف الديمقراطي»، مشيرة إلى أن «الصف الديمقراطي غير ممثل في الدور الثاني للانتخابات الرئاسية، وإذا ما استمر التشتت في التشريعية، فإن هذا سيمثل خطرا على مستقبل تونس، كما سيجعل المشهد ضبابيا، وبالتالي هناك خطر الفشل في تكوين حكومة».